الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3158 - وعن ابن عباس قال : إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم تحفظ له متاعه وتصلح له شيه حتى إذا نزلت الآية ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) قال ابن عباس : فكل فرج سواهما فهو حرام . رواه الترمذي .

التالي السابق


3158 - ( وعن ابن عباس قال : إنما كانت المتعة في أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة ) أي : بالناس يعزبونه ( فيتزوج المرأة بقدر ما يرى ) بضم الياء أي يظن ( أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيه ) بفتح المعجمة وتشديد التحتية أي طبيخه ، في القاموس : شوى اللحم شيا فاشتوى ، وقيل : أي أسبابه فكأنه صحفه وجعله مفرد الأشياء ( حتى إذا نزلت الآية إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) قال الطيبي يريد أن [ ص: 2075 ] الله تعالى وصفهم بأنهم يحفظون فروجهم عن جميع الفروج إلا عن الأزواج والسراري والمستمتعة ليست زوجة لانتفاء التوارث إجماعا ولا مملوكة بل هي مستأجرة نفسها أياما معدودة فلا تدخل تحت الحكم ، قال الإمام فخر الدين الرازي - رحمه الله - في تفسيره : " إن المستمتعة ليست زوجة له فوجب أن لا تحل وإنما قلنا إنها ليست زوجة لأنهما لا يتوارثان بالإجماع ولو كانت زوجة له لحصل التوارث لقوله تعالى ( ولكم نصف ما ترك أزواجكم ) وإذا ثبت أنها ليست زوجة له وجب أن لا تحل له لقوله تعالى ( إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ) " ( قال ابن عباس : فكل فرج سواهما فهو حرام ) قال ابن الهمام : " وهذا يحمل على أن ابن عباس اطلع على أن الأمر على هذا الوجه فرجع إليه وحكاه " اه . والظاهر من أحاديثه أنه رجع عن الجواز المطلق وقيد جوازه بحال الرخصة والعجب من الشيعة أنهم أخذوا بقوله وتركوا مذهب علي - رضي الله عنه - ففي صحيح مسلم أن عليا - رضي الله عنه - سمع ابن عباس يلين في متعة النساء ، فقال : مهلا يا ابن عباس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الإنسية . قال ابن الهمام : ويدل على أنه لم يرجع حين قال له علي ذلك ما في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال : إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال : إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له ابن الزبير : فجرب نفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك . الحديث ورواه النسائي أيضا ولا تردد في أن ابن عباس هو الرجل المعرض به وكان قد كف بصره فلذا قال ابن الزبير : كما أعمى أبصارهم ، وهذا إنما كان في حال خلافة عبد الله بن الزبير وذلك بعد وفاة علي كرم الله وجهه فقد ثبت أنه مستمر القول على جوازها ولم يرجع إلى قول علي - رضي الله عنه - وأسند الحازمي من طريق الخطابي إلى المنهال عن سعيد بن جبير قال : قلت : لابن عباس لقد سارت بفتياك الركبان وقال فيها الشعراء قال : وما قالوا : قلت قالوا :


قد قلت للشيخ لما طال محبسه يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس هل لك في رخصة الأطراف آنسة
تكون مثواك حتى مصدر الناس

فقال سبحان الله ما بهذا أفتيت وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير ولا تحل إلا للمضطر . ( رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية