الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

3208 - عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمهرها عنه أربعة آلاف وفي رواية أربعة آلاف درهم وبعث بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شرحبيل ابن حسنة . رواه أبو داود ، والنسائي .

التالي السابق


( الفصل الثالث )

3208 - ( عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبد الله بن جحش ) : بفتح الجيم وسكون الحاء قال السيد أصيل الدين : وقع في نسخ المشكاة التي وقفت عليها عبد الله بن جحش وهو غلط والصواب عبيد الله بن جحش ، يعني بالتصغير كما في سنن أبي داود وجامع الأصول والمنتقي ، أقول : ويؤيده ما في تهذيب الأسماء وكان زوجها قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عبيد الله بن جحش تنصر بالحبشة ومات نصرانيا وهو أخو عبد الله بن جحش الصحابي الجليل استشهد يوم أحد ( فمات ) : أي : زوجها ( بالحبشة فزوجها النجاشي ) : بفتح النون ويكسر وتخفيف الجيم والشين المعجمة والياء المخففة ويشدد لقب ملك الحبشة واسم الذي آمن " أصحمة " وقد يعد في الصحابة والأولى أن لا يعد لأنه لم يدرك الصحبة ، أي أنكحها ( النبي - صلى الله عليه وسلم - ) : أي : بأمره إياه ( وأمهرها عنه ) : أي : أصدقها النجاشي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أربعة آلاف ) : من الدراهم ( وفي رواية أربعة آلاف درهم ) : أي : بزيادة التمييز ( وبعث بها ) : أي : أرسل بأم حبيبة ( إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شرحبيل ) : بضم الشين وفتح الراء وسكون الحاء وكسر الموحدة غير منصرف على ما في المغني ولعل فيه العجمة مع العلمية وفي نسخة بالانصراف ، وهو من مهاجرة الحبشة ( ابن حسنة ) : بفتحات أم شرحبيل ( رواه أبو داود والنسائي ) : وفي المواهب : وأم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب وقيل اسمها هند والأول أصح وأمها صفية بنت ابن العاص فكانت تحت عبيد الله بن جحش وهاجر بها إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ثم تنصر وارتد عن الإسلام ومات هناك وثبتت أم حبيبة على الإسلام واختلف في وقت نكاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وموضع العقد فقيل إنه عقد عليها بأرض الحبشة سنة ست فروي أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ليخطبها عليه فزوجها إياه وأصدقها عنه أربعمائة دينارا وبعث بها إليه مع شرحبيل ابن حسنة وروي " بن حسنة " ، وروي أن النجاشي أرسل إليها جاريته أبرهة فقالت : إن الملك يقول لك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلي أن أزوجك وأنها أرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته وأعطت أبرهة سوارين وخاتم فضة سرورا بما بشرتها به فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا فخطب النجاشي فقال : الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ، أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد أصدقتها أربعمائة [ ص: 2103 ] دينار ذهبا ثم صب الدنانير بين يدي القوم فتكلم خالد بن سعيد فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزوجته أم حبيبة بنت أبي سيفان فبارك الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها ثم أرادوا أن يقوموا فقال اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا . أخرجه صاحب الصفوة كما قاله الطبري كان ذلك في سنة سبع من الهجرة وخالد هذا هو ابن عم أبيها وكان أبو سيفان أبوها حال نكاحها مشركا محاربا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قيل : إن عقد النكاح عليها كان بالمدينة بعد رجوعها من أرض الحبشة ، والمشهور الأول ، اهـ . ومن كلام النجاشي : " ما أحب أن لي دبرا ذهبا - أي جبلا - وإني آذيت رجلا من المسلمين " .




الخدمات العلمية