الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
[ ص: 366 ] 319 - وعن بسرة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10356210nindex.php?page=treesubj&link=126إذا مس أحدكم ذكره ، فليتوضأ ) رواه مالك وأحمد وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، والدارمي .
319 - ( وعن بسرة ) : بضم الموحدة وسكون المهملة بنت صفوان صحابية كذا في التقريب وقال المصنف : هي بسرة بنت صفوان بن نوفل القرشية الأسدية ، وهي بنت أخي ورقة بن نوفل ( قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10356211إذا مس أحدكم ذكره ) : قال ابن حجر : وذكر غيره كذكره لرواية من مس ذكرا ( فليتوضأ ) : هذا الحديث حجة nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي في nindex.php?page=treesubj&link=127انتقاض الوضوء بمس الذكر ، ولكنه مقيد بما إذا كان بالكف بلا حجاب . قال ابن حجر : أي بباطن الكف كما اقتضته رواية : nindex.php?page=hadith&LINKID=10356212إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ، والإفضاء المس بباطن الكف وهو الراحة والأصابع اهـ . لكن الإفضاء بالمعنى المذكور غير معروف في كتب اللغة ، بل المشهور معناه مطلق الإيصال . قال تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=21وقد أفضى بعضكم إلى بعض ثم حمل الطحاوي الوضوء على غسل اليد استحبابا ( رواه مالك ، وأحمد ، وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ) . وقال : هذا حديث حسن صحيح . قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري : أصح شيء في هذا الباب حديث بسرة ذكره ميرك ( nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، والدارمي ) .
محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك ، وقيل : هو محمد بن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن : الحافظ ، العلم ، الإمام ، البارع ابن عيسى السلمي الترمذي الضرير ، مصنف " الجامع " ، وكتاب " العلل " ، وغير ذلك .
اختلف فيه ، فقيل : ولد أعمى ، والصحيح أنه أضر في كبره ، بعد رحلته وكتابته العلم . [ ص: 271 ] ولد في حدود سنة عشر ومائتين وارتحل ، فسمع بخراسان والعراق والحرمين ، ولم يرحل إلى مصر والشام .
حدث عن : قتيبة بن سعيد ، وإسحاق ابن راهويه ، ومحمد بن عمرو السواق البلخي ، ومحمود بن غيلان ، وإسماعيل بن موسى الفزاري ، وأحمد بن منيع ، وأبي مصعب الزهري ، وبشر بن معاذ العقدي ، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب ، وأبي عمار الحسين بن حريث ، والمعمر عبد الله بن معاوية الجمحي ، وعبد الجبار بن العلاء ، وأبي كريب ، وعلي بن حجر ، وعلي بن سعيد بن مسروق الكندي ، وعمرو بن علي الفلاس ، وعمران بن موسى القزاز ، ومحمد بن أبان المستملي ، ومحمد بن حميد الرازي ، ومحمد بن عبد الأعلى ، ومحمد بن رافع ، ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ، ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، ومحمد بن يحيى العدني ، ونصر بن علي ، وهارون الحمال ، وهناد بن السري ، وأبي همام الوليد بن شجاع ، ويحيى بن أكثم ، ويحيى بن حبيب بن عربي ، ويحيى بن درست البصري ، ويحيى بن طلحة اليربوعي ، ويوسف بن حماد المعني ، وإسحاق بن موسى الخطمي ، وإبراهيم بن عبد الله الهروي ، وسويد بن نصر المروزي .
فأقدم ما عنده حديث مالك والحمادين ، والليث ، وقيس بن الربيع ، وينزل حتى إنه أكثر عن البخاري ، وأصحاب هشام بن عمار ونحوه .
حدث عنه : أبو بكر أحمد بن إسماعيل السمرقندي ، وأبو حامد أحمد بن عبد الله بن داود المروزي ، وأحمد بن علي بن حسنويه المقرئ ، وأحمد [ ص: 272 ] بن يوسف النسفي ، وأسد بن حمدويه النسفي ، والحسين بن يوسف الفربري وحماد بن شكر الوراق ، وداود بن نصر بن سهيل البزدوي والربيع بن حيان الباهلي ، وعبد الله بن نصر أخو البزدوي ، وعبد بن محمد بن محمود النسفي ، وعلي بن عمر بن كلثوم السمرقندي ، والفضل بن عمار الصرام ، وأبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب ، راوي " الجامع " ، وأبو جعفر محمد بن أحمد النسفي ، وأبو جعفر محمد بن سفيان بن النضر النسفي الأمين ، ومحمد بن محمد بن يحيى الهروي القراب ، ومحمد بن محمود بن عنبر النسفي ، ومحمد بن مكي بن نوح النسفي ، ومسبح بن أبي موسى الكاجري ومكحول بن الفضل النسفي ، ومكي بن نوح ، ونصر بن محمد بن سبرة ، والهيثم بن كليب الشاشي الحافظ ، راوي " الشمائل " عنه ، وآخرون . وقد كتب عنه شيخه أبو عبد الله البخاري ، فقال الترمذي في حديث عطية ، عن أبي سعيد ، يا علي : لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك سمع مني محمد بن إسماعيل هذا الحديث . [ ص: 273 ] وقال ابن حبان في " الثقات " : كان أبو عيسى ممن جمع ، وصنف ، وحفظ ، وذاكر .
وقال أبو سعد الإدريسي : كان أبو عيسى يضرب به المثل في الحفظ . وقال الحاكم : سمعت عمر بن علك يقول : مات البخاري ، فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى ، في العلم والحفظ ، والورع والزهد . بكى حتى عمي ، وبقي ضريرا سنين . ونقل أبو سعد الإدريسي بإسناد له ، أن أبا عيسى قال : كنت في طريق مكة ، فكتبت جزأين من حديث شيخ ، فوجدته فسألته ، وأنا أظن أن الجزأين معي ، فسألته ، فأجابني ، فإذا معي جزآن بياض ، فبقي يقرأ علي من لفظه ، فنظر ، فرأى في يدي ورقا بياضا ، فقال : أما تستحي مني ؟ فأعلمته بأمري ، وقلت : أحفظه كله . قال : اقرأ . فقرأته عليه ، فلم يصدقني ، وقال : استظهرت قبل أن تجيء ؟ فقلت : حدثني بغيره . قال : فحدثني بأربعين حديثا ، ثم قال : هات . فأعدتها عليه ، ما أخطأت في حرف . قال شيخنا أبو الفتح القشيري الحافظ : ترمذ ، بالكسر ، وهو [ ص: 274 ] المستفيض على الألسنة حتى يكون كالمتواتر . وقال المؤتمن الساجي : سمعت عبد الله بن محمد الأنصاري يقول : هو بضم التاء . ونقل الحافظ أبو الفتح بن اليعمري أنه يقال فيه : ترمذ ، بالفتح
وعن أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي ، قال : قال أبو عيسى صنفت هذا الكتاب ، وعرضته على علماء الحجاز ، والعراق وخراسان ، فرضوا به ، ومن كان هذا الكتاب -يعني " الجامع " - في بيته ، فكأنما في بيته نبي يتكلم . قلت : في " الجامع " علم نافع ، وفوائد غزيرة ، ورءوس المسائل ، وهو أحد أصول الإسلام ، لولا ما كدره بأحاديث واهية ، بعضها موضوع ، وكثير منها في الفضائل .
وقال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الخالق : " الجامع " على أربعة أقسام : قسم مقطوع بصحته ، وقسم على شرط أبي داود والنسائي كما بينا ، وقسم أخرجه للضدية ، وأبان عن علته ، وقسم رابع أبان عنه ، فقال : ما أخرجت في كتابي هذا إلا حديثا قد عمل به بعض الفقهاء ، سوى حديث : فإن شرب في الرابعة فاقتلوه وسوى حديث : جمع بين الظهر [ ص: 275 ] والعصر بالمدينة ، من غير خوف ولا سفر [ ص: 276 ] قلت : " جامعه " قاض له بإمامته وحفظه وفقهه ، ولكن يترخص في قبول الأحاديث ، ولا يشدد ، ونفسه في التضعيف رخو . [ ص: 277 ] وفي " المنثور " لابن طاهر : سمعت أبا إسماعيل شيخ الإسلام يقول : " جامع " الترمذي أنفع من كتاب البخاري ومسلم ، لأنهما لا يقف على الفائدة منهما إلا المتبحر العالم ، و " الجامع " يصل إلى فائدته كل أحد .
قال غنجار وغيره : مات أبو عيسى في ثالث عشر رجب ، سنة تسع وسبعين ومائتين بترمذ .