الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

3302 - عن عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رجلا ظاهر من امرأته فغشيها قبل أن يكفر ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له . فقال : ما حملك على ذلك ؟ ! " قال : يا رسول الله ! رأيت بياض حجليها في القمر ; فلم أملك نفسي أن وقعت عليها . فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن لا يقربها حتى يكفر . رواه ابن ماجه . وروى الترمذي نحوه ، وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب . وروى أبو داود ، والنسائي نحوه مسندا ومرسلا . وقال النسائي : المرسل أولى بالصواب من المسند .

التالي السابق


الفصل الثالث

3302 - ( عن عكرمة عن ابن عباس : أن رجلا ظاهر من امرأته فغشيها ) : بكسر الشين المعجمة أي : جامعها ( قبل أن يكفر ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك . فقال : ما حملك على ذلك ؟ ) : قال : [ يا رسول الله ] رأيت بياض حجليها ) : بكسر الحاء ويفتح أي : خلخالها ( في القمر ) : أي : في ضوئه . قال صاحب المغرب : [ ص: 2155 ] الحجل بالكسر : الخلخال والقيد ، والفتح لغة ، وفي القاموس : الحجل بالكسر والفتح : الخلخال ( فلم أملك نفسي أن وقعت عليها ) : بتقدير ( من ) : أي : لم أستطع أن أحبس نفسي من أن وقعت عليها ، أو يكون بدلا من نفسي أي : لم أملك وقوع نفسي عليها ، ( فضحك رسول الله ) : - صلى الله عليه وسلم - : ( وأمره أن لا يقربها ) : بفتح الراء أي : لا يجامعها ثانيا ( حتى يكفر . رواه ابن ماجه ) : أي : بهذا اللفظ ( وروى الترمذي نحوه ) : أي : بمعناه ( وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب ) . ( وروى أبو داود ، والنسائي نحوه ) : أي : بمعناه أيضا ( مسندا ) : أي : تارة ( ومرسلا ) : أي : أخرى حالان من المفعول ، قال النسائي : المرسل أولى ) : أي : أقرب ( بالصواب من المسند ) : ولعله أراد بالمرسل مرسل الصحابي ، فكان ابن عباس روى في بعض الروايات هذا الحديث بإسناده إلى صحابي ، وفي بعضها أرسله وحذف ذكر الصحابي ، أو أراد أن عكرمة تارة ذكر ابن عباس وأخرى حذف ، والله - تعالى - أعلم . قال ابن الهمام : روى أصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس : أن رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( ما حملك على هذا ؟ ) : قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر ، وفي لفظ : بياض ساقيها ؟ قال : ( فاعتزلها حتى تكفر ) : ولفظ ابن ماجه : فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن لا يقربها حتى يكفر . قال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب ، ونفى كون هذا الحديث صحيحا - رده المنذري في مختصره ; لأنه صححه ، رجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض ، وسبب نزول شرعية الكفارة في الظهار قصة خولة أو خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت : ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت ، فجئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشكو إليه ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجادلني فيه ويقول : ( اتقي الله فإنه ابن عمك ) : فما برحت حتى نزل القرآن ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) جل شأنه فقال : ( يعتق رقبة ) : فقالت : لا يجد فقال : ( يصوم شهرين متتابعين ) : قلت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنه شيخ كبير ما به من صيام . قال ( فيطعم ستين مسكينا ) : قالت : ما عنده شيء يتصدق به . قال : ( فإني سأعينه بعرق من تمر ) : قلت : يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر ، قال : ( قد أحسنت فاذهبي بهما فاطعمي بهما عنه ستين مسكينا وارجعي إلى ابن عمك ) : قال : والعرق ستون صاعا . رواه أبو داود ، وقد قيل : هو مكتل يسع ثلاثين صاعا . قال أبو داود : وهذا أصح ، وفي الحديث ألفاظ أخر . ورواه ابن ماجه وغيره . ثم اعلم أنه يحرم الدواعي فيه عند أبي حنيفة ومالك ، وهو قول الزهري والأوزاعي والنخعي وقول للشافعي ، ورواية عن أحمد ، قال ابن الهمام : والتحقيق أن الدواعي منصوص على منعها في الظهار ، فإن قوله تعالى : ( من قبل أن يتماسا ) لا موجب فيه للحمل على المجاز لإمكان الحقيقة ، ويحرم الجماع ; لأنه من أفراد التماس فيحرم الكل بالنص فظهر فساد قول المخالف ، وفي الهداية : ولو ظاهر من أمته موطوءة كانت أو غير موطوءة لا يصح ، وهو مذهب الشافعي وأحمد وجمع كثير من الصحابة والتابعين ، خلافا لمالك والثوري في الأمة مطلقا ، ولسعيد بن جبير وعكرمة وطاوس وقتادة والزهري في الموطوءة ولا يصح ظهار الذمي ، وبه قال مالك خلافا للشافعي وأحمد ، والأدلة في شرح ابن الهمام مذكورة وأجوبتها أيضا مسطورة .




الخدمات العلمية