الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

3384 - عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : جاء أعرابي إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال : علمني عملا يدخلني الجنة . قال : " لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ، أعتق النسمة وفك الرقبة ) . قال : أوليسا واحدا ؟ قال : " لا ; عتق النسمة أن تفرد بعتقها . وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ، والمنحة الوكوف ، والفيء على ذي الرحم الظالم ، فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع ، واسق الظمآن ، وأمر بالمعروف ، وانه عن المنكر ، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير ) . رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) .

التالي السابق


الفصل الثاني

3384 - ( عن البراء بن عازب ) ، صحابيان ( قال : جاء أعرابي إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - فقال : علمني عملا يدخلني الجنة ) . بالرفع على أنه صفة لـ " عملا " ، وجوز جزمه على جواب الأمر وهو بفتح الياء ، ويجوز إسكانه ، والمراد إدخال الجنة ابتداء مع الناجين قال : ( لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة ) . اللام الأولى موطأة للقسم ، ومعنى الشرطية أنك إن أقصرت في العبارة بأن جئت بعبارة قصيرة فقد أطنبت في الطلب حيث ملت إلى مرتبة كبيرة ، أو سألت عن أمر ذي طول وعرض ، إشارة إلى قوله تعالى جل شأنه وجنة عرضها السماوات والأرض وهذه جملة معترضة والجواب ( أعتق النسمة ) : بفتحتين وهي الروح أو النفس ، أي أعتق ذا نسمة ( وفك ) : بضم الفاء وفتح الكاف ويجوز كسره أي وأخلص ( الرقبة ) : أي عن العبودية ، وفي الكلام تفنن ، ولذا أظهر موضع المضمر ( قال ) : أي الأعرابي ( أوليسا ) : أي الإعتاق والفك ( واحدا ) : أي في المعنى ( قال : لا ) : أي بل فرق بينهما ( عتق النسمة ) : أي أعتقها فعبر بحاصل المصدر عن المصدر ( أن تفرد ) : أصله أن تتفرد من [ ص: 2216 ] التفرد ، وفي نسخة من التفريد ، وفي أخرى من الإفراد ، والمعنى أن تنفرد وتستقل ( بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ) . قال الطيبي رحمه الله : ووجه الفرق المذكور أن العتق إزالة الرق ، وذلك لا يكون إلا من المالك الذي يعتق ، وأما الفك فهو السعي في التخليص ، فيكون من غيره كمن أدى النجم عن المكاتب أو أعانه . ( والمنحة ) : بكسر فسكون هي العطية ، والمراد هنا ناقة أو شاة يعطيها صاحبها لينتفع بلبنها ووبرها مادامت تدر ، وقوله : ( الوكوف ) : بفتح أوله صفة لها وهي الكثيرة اللبن من وكف البيت إذا قطر ( والفيء ) : بالهمز في آخره أي التعطف والرجوع بالبر ، والرواية المشهورة فيهما النصب على تقدير : وامنح المنحة وآثر الفيء ليحسن العطف على الجملة السابقة ، وفي بعض النسخ بالرفع ، فإن صحت الرواية فعلى الابتداء . والتقدير : ومما يدخل الجنة المنحة والفيء ( على ذي الرحم ) : أي على القريب ( الظالم ) ، أي عليك بقطع الصلة وغيره ( فإن لم تطق ذلك ) : أي ما ذكر ( فأطعم الجائع واسق ) : بهمز وصل أو قطع وهو أنسب هنا ( الظمآن ) : أي العطشان ( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ) ، أي اجمع بين الإحسان الحسي والمعنوي ( فإن لم تطق ذلك ) : أي جميع ما ذكر ، أو ما ذكر من الأمرين ، أو من الأمر الأخير وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( فكف ) : بضم الكاف وفتح الفاء المشددة ، ويجوز ضمه وكسره أي : فامنع لسانك ( إلا من خير ) . ونظيره حديث : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) . قيل : المراد بالخير ما يترتب عليه الثواب ، فالمباح ليس بخير ، والظاهر أن المراد بالخير هنا ما يقابل الشر فيشمل المباح ، وإلا فلا يستقيم الحصر أو ينقلب المباح مندوبا ، وهذا فذلكة الحديث ، وإشارة إلى أن ذلك أضعف الإيمان أي حاله أو زمانه ، كما هو في عصرنا ، ولذا قيل : وقتنا وقت السكوت ، ولزوم البيوت ، والقناعة بالقوت إلى أن يموت . ( رواه البيهقي في ( شعب الإيمان ) .




الخدمات العلمية