الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3441 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن أخت عقبة بن عامر رضي الله عنهم نذرت أن تحج ماشية ، وأنها لا تطيق ذلك . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لغني عن مشي أختك ، فلتركب ولتهد بدنة " . رواه أبو داود ، والدارمي . وفي رواية لأبي داود : فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هديا . وفي رواية له : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا ، فلتركب ولتحج راكبة وتكفر يمينها " .

التالي السابق


3441 - ( وعن ابن عباس : أن أخت عقبة بن عامر ) : أي الجهني ، وقد مر ذكره ( نذرت أن تحج ماشية ، وأنها ) : أي أخته ( لا تطيق ذلك ) : أي الحج ماشية وفي نسخة للمصابيح : فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وقيل : إنها لا تطيق . ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لغني عن مشي أختك ، فلتركب " ) : أي إذا لم تطق فلتركب ( " ولتهد " ) : بضم أوله أي لتنحر ( " بدنة " ) : أي بعيرا أو بقرة عندنا وإبلا عند الشافعي رحمه الله . ( رواه أبو داود ، والدارمي وفي رواية له ) أي : لأبي داود ( فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركب ) : أي للعجز ( وتهدي هديا ) : وأقله شاة وأعلاه بدنة فالشاة كافية ، والأمر بالبدنة للندب . قال القاضي رحمه الله : لما كان المشي في الحج من عداد القربات وجب النذر ، والتحق بسائر أعماله التي لا يجوز تركها إلا لمن عجز ، ويتعلق بتركه الفدية ، واختلف في الواجب فقال علي رضي الله تعالى عنه : تجب بدنة لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : " ولتهد بدنة " . وقال بعضهم : يجب دم شاة كما في مجاوزة الميقات ، وحملوا الأمر بالبدنة على الاستحباب ، وهو قول مالك ، وأظهر قولي الشافعي ، وقيل : لا يجب فيه شيء وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهدي على وجه الاستحباب دون الوجوب .

( وفي رواية له ) : أي لأبي داود ( فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله لا يصنع بشقاء أختك " : بفتح الشين أي بتعبها ومشقتها ( " شيئا " ) : أي من الصنع فإنه منزه عن دفع الضرر وجلب النفع ( " فلتحج " ) : بفتح الجيم ، ويجوز كسرها ، وضمها أي : إذا عجزت عن المشي فلتحج ( " راكبة " ) : بالنصب على الحال ، وفي نسخة صحيحة : فلتركب ولتحج بالواو ، وفي نسخة بالفاء . ( " وتكفر " ) : بالجزم أي فلتكفر هي ( " يمينها " ) : بالنصب أي عن حنث يمينها ، والظاهر أن المراد بالتكفير كفارة الجناية وهي الهدي ، أو ما يقوم مقامه من الصوم على ما سيأتي ليطابق الروايات لا كفارة اليمين ، وإنما نسبت الجناية إلى اليمين ، لأنها سبب لوجوبها عند حنثها والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية