الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3500 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم دية الخطأ على أهل القرى أربعمائة دينار أو عدلها من الورق ويقومها على أثمان الإبل فإذا غلت رفع في قيمتها وإذا هاجت رخصا نقص من قيمتها وبلغت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين أربعمائة دينار إلى ثمانمائة دينار وعدلها من الورق ثمانية آلاف درهم قال : وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العقل ميراث بين ورثة القتيل وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة بين عصبتها . و لا يرث القاتل شيئا ) ، رواه أبو داود والنسائي .

التالي السابق


3500 - ( وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم دية الخطأ ) : بتشديد الواو المكسورة أي يجعل قيمة دية الخطأ ( على أهل القرى ) جمع قرية ( أربعمائة دينار أو عدلها ) بفتح أوله ويكسر قيل : العدل بالفتح مثل الشيء في القيمة وبالكسر مثله في المنظر ، وقال الفراء : بالفتح ما عدل الشيء من غير جنسه وبالكسر من جنسه قال العسقلاني : في هذه الرواية للأكثر بالفتح فالمعنى أو مثلها في القيمة ( من الورق ) بكسر الراء ويسكن أي الفضة ( ويقومها ) أي وكان يقوم دية الخطأ ( على أثمان الإبل ) جمع ثمن بفتحتين ( فإذا غلت ) أي الإبل يعني زاد ثمنها ( رفع في قيمتها ) أي زاد في قيمة الدية ( وإذا هاجت ) من هاج إذا ثار أي ظهرت ( رخصا ) بضم فسكون ضد الغلاء والتأنيث باعتبار القيمة فإن الرخص رخصها ( نقص ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( من قيمتها ) أي قيمة الدية ( وبلغت ) أي قيمة الدية للخطأ ( على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في زمانه ( ما بين أربعمائة إلى ثمانمائة دينار وعدلها ) بالوجهين وهو مرفوع على الابتداء أي ومثلها الكائن ( من الورق ثمانية آلاف درهم ) خبره قال الطيبي : وهو يدل على أن الأصل في الدية هو الإبل فإن أعوزت وجبت قيمتها بالغة ما بلغت كما قاله الشافعي في الجديد وأول ما روي من تقدير دراهم ودنانير بأنه تقويم وتعديل باعتبار ما كان في ذلك الزمن لا مطلقا ( قال ) أي جده ( وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاء ألفي شاة ) فيه تأييد لمذهب الصاحبين ( و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : العقل ) أي الدية ( ميراث بين ورثة القتيل وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة ) أي الدية التي تجب بجناية المرأة ( بين عصبتها ) أي يتحملها عنها عصبتها كما في الرجل قال التوربشتي من أئمتنا : يعني أن العصبة يتحملون عقل المرأة الذي يجب عليهم بسبب جنايتها تحملهم عن الرجل وأنها ليست كالعبد في جنايته إذ العاقلة لا تحمل عنه بل تتعلق الجناية برقبته ، وقال الأشرف : يمكن .

[ ص: 2292 ] أن يكون معناه أن المرأة المقتولة ديتها تركة بين ورثتها كسائر ما تركته لهم وهذا يناسب ما في الحديث وهو قوله ( ولا يرث القاتل ) أي المقتول ( شيئا ) أي لا من الدية ولا من غيرها لأنه صلى الله عليه وسلم لما بين أن دية المرأة المقتولة بين ورثتها دخل القاتل في عمومهم فخصهم بغير القاتل ، ومما يؤيد هذا المعنى الحديث السابق على هذا الحديث وهو قوله صلى الله عليه وسلم : إن العقل ميراث بين ورثة القتيل ، فعلى هذا المراد من المرأة هي المقتولة وعلى قول الشارح الأول المراد بها القاتلة قال الطيبي : هذا إنما يتم إذا جعل كل واحد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العقل ميراث بين ورثة القتيل وقوله قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عقل المرأة بين عصبتها ولا يرث القاتل شيئا حديثين مستقلين برأسهما فيكون أحدهما مبينا بالآخر وأما إذا كان من حديث واحد عن عمرو بن شعيب وأخرجه أبو داود والنسائي كما في متن المشكاة فلا لئلا يلزم التكرار ، ويكون قوله : ولا يرث القاتل متعلقا بقوله : إن العقل ميراث لا بالثاني ولأن ميراث القتيل لا يختص بالعصبة بل العصبة مختصة بالعقل والله تعالى أعلم اهـ . وقيل يرجح الوجه الأول لفظ العصبة والثاني لفظ بين فإنه ذكر قبل فيما كان العقل ميراثا للورثة وما كان عليهم بلفظ على والأولى أن ينزل على العموم ليتناول المعنيين أي أن عقل المرأة قاتلة بين عصبتها ومقتولة بين ورثتها وما كان ميراثا فهو للورثة فقط وما كان غيره فهو على العصبة فقط ( رواه أبو داود ، والنسائي ) وكذا ابن ماجه .




الخدمات العلمية