الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3576 - وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه . قيل لابن عباس : ما شأن البهيمة ؟ قال : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا ، ولكن أراه كره أن يؤكل لحمها أو ينتفع بها ، وقد فعل بها ذلك . رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه .

التالي السابق


3576 - ( وعنه ) أي عن عكرمة ( عن ابن عباس ) وفي نسخة وعن ابن عباس ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أتى بهيمة فاقتلوه ) أي فاضربوه ضربا شديدا أو أراد به وعيدا أو تهديدا ( واقتلوها معه ) قيل : لئلا يتولد منها حيوان على صورة إنسان وقيل كراهة أن يلحق صاحبها خزي في الدنيا لإبقائها وفي شرح المظهر : قال مالك والشافعي في أظهر قوليه ، وأبو حنيفة وأحمد أنه يعزر ، وقال إسحاق : يقتل إن عمل ذلك مع العلم بالنهي والبهيمة قيل : إن كانت مأكولة تقتل ، وإلا فوجهان القتل لظاهر الحديث ، وعدم القتل للنهي عن ذبح الحيوان إلا لأكله ( قيل لابن عباس : ما شأن البهيمة ؟ ) أي إنها لا عقل لها ولا تكليف عليها فما بالها تقتل ؟ ( قال : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا ) أي من العلل والحكم ( ولكن أراه ) بضم الهمزة أي أظنه ( كره ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( أن يؤكل لحمها أو ينتفع بها ) أي بلبنها وبشعرها وتوليدها وغير ذلك ( وقد فعل بها ذلك ) أي الفعل المكروه والجملة حالية

[ ص: 2348 ] قال الطيبي : تحقيق ذلك أن كل ما أوجده الله تعالى في هذا العالم جعله صالحا لفعل خاص فلا يصلح لذلك العمل سواه فإن المأكول من الحيوان خلق لأكل الإنسان إياه لا لقضاء شهوته منه والذكر من الإنسان خلق للفاعلية والأنثى للمفعولية ووضع فيها الشهوة لتكثير النسل بقاء لنوع الإنسان ، فإن عكس كان إبطالا لتلك الحكمة ، وإليه أشار قوله تعالى : إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون أي لا حامل لكم عليه إلا مجرد الشهوة من غير داع آخر ولا ذم أعظم منه ؛ لأنه وصف لهم بالبهيمة ، وأنه لا داعي لهم من جهة العقل ألبتة كطلب النسل ، والتخلي للعبادة ونحوه والله تعالى أعلم ( رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه ) .




الخدمات العلمية