الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3681 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة . رواه البخاري .

التالي السابق


3681 - ( وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنكم ستحرصون ) بكسر الراء وفي نسخة بفتحها ، ففي القاموس : حرص كضرب ومنع ( على الإمارة وستكون ) أي الإمارة المقرونة بالحرص ( ندامة يوم القيامة ) أي عند العجز عن الجواب في المحاسبة وحصول العتاب في مقابلة الحقوق والمطالبة ( فنعم المرضعة ) وفي نسخ المصابيح : فنعمت المرضعة ( وبئست الفاطمة ) المخصوص بالمدح والذم محذوف فيهما وهو الإمارة ، قال المظهر : لفظ نعم وبئس إذا كان فاعلهما مؤنثا جاز إلحاق التأنيث وجاز تركها فلم يلحقها هنا في نعم ، وألحقها في بئست ، يعني عملا باللغتين وتفننا في العبارتين ولم يعكس ; لأن إلحاق الزائد أولى بالثاني ، وقال الطيبي : إنما لم يلحقها بنعم لأن [ ص: 2401 ] المرضعة مستعارة للإمارة ; وهي وإن كانت مؤنثة إلا أن تأنيثه غير حقيقي ; وألحقها ببئس ; نظرا إلى كون الإمارة حينئذ : داهية دهياء ، وفيه أن ما يناله أمير من البأساء والضراء ; أبلغ وأشد مما يناله من النعماء والسراء ; وأتى بالتاء في المرضع والفاطم ; دلالة على تصوير تينك الحالتين المتجددتين في الإرضاع والفطام ; يعني المرضع والفاطم من الصفات الغالبة للنساء فلا يحتاج إلى إتيان تاء التأنيث الفارقة بين وصفي المذكر والمؤنث ; ولذا يقال طالق وحائض ، وإنما أتى بها هاهنا لتذكير التصوير ، قال القاضي : شبه الولاية بالمرضعة وانقطاعها بالموت ، أو العزل بالفاطمة ; أي نعمت المرضعة الولاية ; فإنها تدر عليك المنافع واللذات العاجلة ، وبئست الفاطمة المسيئة فإنها تقطع عنك اللذائذ والمنافع وتبقي عليك الحسرة والندامة ، فلا ينبغي للعاقل أن يلم بلذات يتبعها حسرات اهـ . وقيل جعل الإمارة في حلاوة أوائلها ومرارة أواخرها ، كمرضعة تحسن بالإرضاع وتسيء بالفطام ، قلت فيه إشارة لطيفة إلى أن حلاوة الإمارة ومرارة الولاية المشبهتين بالرضاع والفطام ، إنما هو بالنسبة إلى أطفال الطريقة دون الرجال الواصلين إلى مرتبة الحقيقة ولذا قال بعضهم : أضغاث أحلام وظل زائل إن اللبيب بمثلها لا يخدع ولكن أكثر أهل الجنة البله الواقفون على الباب وللعليين أرباب الألباب ( رواه البخاري ) وكذا النسائي .




الخدمات العلمية