الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3737 - وعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن قال : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله ؟ قال : فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ؟ قال : أجتهد رأيي ولا آلو ، قال : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره ، وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله . رواه الترمذي وأبو داود والدارمي .

التالي السابق


3737 - ( وعن معاذ بن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن ) ; أي واليا وقاضيا ( قال ) : أي امتحانا له ( كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله ، قال : فإن لم تجد ؟ ) ; أي مصرحا ( في كتاب الله ، قال : فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ؟ قال : أجتهد رأيي ) ; أي أطلب حكم تلك الواقعة بالقياس على المسائل التي جاء فيها نص وأحكم فيها بمثل المسألة التي جاء فيها نص لما بينهما من المشابهة ، ( ولا آلو ) بمد الهمزة متكلم من ألى يألو ; أي ما أقصر ، قال الطيبي : قوله : أجتهد رأيي ، المبالغة قائمة في جوهر اللفظ وبناؤه للافتعال و للاعتمال والسعي وبذل الوسع ، ونسبته إلى الرأي ; أيضا تربية إلى المعنى ، قال الراغب : الجهد : والجهد طاقة والمشقة والاجتهاد أخذ النفس ببذل الطاقة وتحمل المشقة ، يقال : جهدت رأيي واجتهدت ; أتعبته بالفكر ، قال الخطابي : لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه ، أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب ، أو سنة ، بل أراد رد القضية إلى معنى الكتاب والسنة ; من طريق القياس وفي هذا إثبات للحكم بالقياس ، قال المظهر : أي إذا وجدت مشابهة بين التي أنا بصددها وبين المسألة التي جاء نص فيها من الكتاب ، أو السنة ; حكمت فيها بحكمهما ; مثاله : جاء النص بتحريم الربا في البر ولم يجيء نص في البطيخ قاس الشافعي البطيخ على البر لما وجد لما بينهما من علة المطعومية ، وقاس أبو حنيفة رحمه الله الجص على البر لما وجد بينهما من علة الكيلية ، ( قال ) ; أي معاذ ( فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره ، أو قال الراوي نقلا عن معاذ : فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صدره ، ويمكن أن يكون المراد : على صدري ; بطريق الالتفات ، أو على سبيل التجريد ، ( وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى به رسول الله ) ; أي لما يحبه ويتمناه من طلب طريق الصواب ، قال الطيبي : فيه استصواب منه - صلى الله عليه وسلم - لرأيه في استعماله ، وهذا معنى قولهم : كل مجتهد مصيب ، ولا ارتياب أن المجتهد إذا كدح في التحري وأتعب القريحة في الاستنباط ; استحق أجرا لذلك ، وهذا بالنظر إلى أصل الاجتهاد ، فإذا نظر إلى الجزئيات ، فلا يخلو من أن يصيب في مسألة من المسائل ، أو يخطيء فيها ; فإذا أصاب ; ثبت له أجران أحدهما باعتبار [ ص: 2429 ] أصل الرأي ، والآخر باعتبار الإصابة ، وإذا أخطأ فله أجر واحد باعتبار الأصل ، ولا عليه شيء باعتبار الخطأ ( رواه الترمذي وأبو داود والدارمي ) .




الخدمات العلمية