الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3743 - وعن ابن موهب : أن عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال لابن عمر : اقض بين الناس . قال : أوتعافيني ؟ يا أمير المؤمنين ! قال : وما تكره من ذلك وقد كان أبوك يقضي ؟ قال : لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من كان قاضيا فقضى بالعدل ; فبالحري أن ينقلب منه كفافا " . فما راجعه بعد في ذلك . رواه الترمذي .

التالي السابق


3743 - ( وعن ابن موهب ) : رضي الله عنه بفتح الميم والهاء لم يذكره المؤلف ( أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال لابن عمر : اقض بين الناس ) : أي اقبل القضاء بينهم ( قال : أوتعافيني ؟ يا أمير المؤمنين ) : أي أترحم علي وتعافيني وهو استعطاف على سبيل الدعاء ( قال ) : أي عثمان ( وما تكره من ذلك ) : أي القضاء ( وقد كان أبوك يقضي ؟ قال : لأني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من كان قاضيا فقضى بالعدل ) : عطف على [ ص: 2432 ] الشرط ( فبالحري أن ينقلب منه ) : أي يرجع من فعله ( كفافا ) : بفتح الكاف ; أي خلاصا وهو جواب الشرط يقال : فلان تحرى بكذا وحر بكذا ، فبالحري أن يكون كذا ; أي جدير وخليق ، فحري إن كان اسم فاعل يكون مبتدأ خبره أن ينقلب ، والباء زائدة نحو : بحسبك درهم ; أي الخليق ، والجدير كونه منقلبا منه كفافا ، وإن جعلته مصدرا فهو خبر ، والمبتدأ أما بعده ، والباء متعلق بمحذوف ; أي : كونه منقلبا ثابت بالاستحقاق ، وكذا حققه الطيبي ، وفي نسخة أن ينفلت بالفاء والفوقية ; أي : يتخلص منه كفافا ; أي رأسا برأس لا له ولا عليه ، يعني لا يثاب ولا يعاقب . قال صاحب النهاية : وفي حديث عمر : وددت أني سلمت من الخلافة كفافا لا علي ولا لي ، والكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة وهو نصب على الحال ، وقيل : أراد به مكفوفا عن شرها ، وقيل : معناها أن لا ينال مني ولا أنال منه ; أي : يكف عني وأكف عنه . وقال الطيبي : أي يكف هو عن القضاء ويكف القضاء عنه اهـ . ولا يخفى أن المعنى الآخر يقتضي أن يكون بكسر الكاف مصدر كافه كفافا ومكاففة . قال الطيبي : يعني أن من ترك القضاء واجتهد في تحري الحق واستفرغ جهده فيه حقيق أن لا يثاب ولا يعاقب ، فإذا كان كذلك ، فأي فائدة في توليه ، وفى معناه أنشد :


على أنني راض بأن أحمل الهوى وأخلص منه لا علي ولا ليا

( فما راجعه ) : أي : فما رد عثمان الكلام على ابن عمر ، ولا رجع إلى ما طلب منه ( بعد ذلك . رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية