الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3813 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه ، مات على شعبة من نفاق " ، رواه مسلم .

التالي السابق


3813 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من مات ولم يغز ) : وفي نسخة بإثبات الواو وهو لغة ضعيفة ( ولم يحدث ) : بالتشديد ; أي : لم يكلم ( به ) : أي : بالغزو ( نفسه ) : بالنصب على أنه مفعول به ، أو بنزع الخافض ; أي : في نفسه ، وفي نسخة بالرفع على أنه فاعل ، والمعنى لم يعزم على الجهاد ولم يقل : يا ليتني كنت مجاهدا ، وقيل ولم يرد الخروج ، وعلامته في الظاهر إعداد آلته . قال تعالى : ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ) ويؤيده قوله : ( مات على شعبة من نفاق ) : أي : نوع من أنواع النفاق ; أي : من مات على هذا فقد أشبه المنافقين والمتخلفين عن الجهاد ، ومن تشبه بقوم فهو منهم ، وقيل : هذا كان مخصوصا بزمانه - صلى الله عليه وسلم - والأظهر أنه عام ويجب على كل مؤمن أن ينوي الجهاد إما بطريق فرض الكفاية ، أو على سبيل فرض العين ، إذا كان النفير عاما ، ويستدل بظاهره لمن قال : الجهاد فرض عين مطلقا . وفي شرح مسلم للنووي ، قال عبد الله بن المبارك : نرى أن ذلك على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وهذا الذي قاله ابن المبارك محتمل ، وقد قال غيره إنه عام . والمراد أن من فعل فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف ، فإن ترك الجهاد أحد شعب النفاق ، وفيه أن من نوى فعل عبادة فمات قبل فعلها لا يتوجه عليه من الذم ما يتوجه على من مات ولم ينوها ، وقد اختلفت أصحابنا فيمن تمكن من الصلاة في أول وقتها فأخرها بنية أن يفعلها ومات ، أو أخر الحج كذلك ، قيل : يأثم فيهما ، وقيل لا يأثم فيهما ، وقيل : يأثم في الحج دون الصلاة اه . والأخير موافق لمذهبنا . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية