الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3830 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : مر رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشعب فيه عيينة من ماء عذبة ، فأعجبته ، فقال :

لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب . فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا تفعل ، فإنمقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة ؟ اغزوا في سبيل الله ، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة
. رواه الترمذي .

التالي السابق


3830 - ( وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : مر رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشعب ) : بكسر أوله وهو ما انفرج من الجبلين وغيره ( فيه عيينة ) : تصغير عين بمعنى المنبع ( من ماء ) : قال الطيبي : صفة عيينة جيء بها مادحة ; لأن التنكير فيها يدل على نوع ماء صاف تروق به الأعين وتبهج به الأنفس ( عذبة ) : بالرفع صفة عيينة وبالجر على الجوار ; أي طيبة ، أو طيب ماؤها . قال الطيبي : وعذبة صفة أخرى مميزة ; لأن العلم الألذ سائغ في المريء ، ومن ثم أعجب الرجل وتمنى الاعتزال عن الناس فقال ; أي الراوي ( فأعجبته ) : أي العيينة وما يتعلق بها من المكان ( فقال ) : أي الرجل ( لو اعتزلت الناس ) : لو للتمني ، ويجوز أن تكون لو امتناعية ، قوله :

[ ص: 2480 ] ( فأقمت في هذا الشعب ) : عطف على اعتزلت وجواب لو محذوف ; أي لكان خيرا لي . قال التوربشتي : وجدنا في سائر النسخ : فيه غيضة وليس ذلك بسديد ولم يشهد به رواية . قال القاضي : وفي أكثر النسخ غيضة من ماء ، فإن صحت الرواية بها فالمعنى غيضة كانت من ماء ، وهي الأجمة من غاض الماء ، إذا نضب ، فإنها مغيض ماء يجتمع فيه الشجر ، والجمع غياض وأغياض ( فذكر ) : بصيغة المجهول ; أي ذكروا ( ذلك ) : أي ما صدر عن الرجل ( لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : وفي نسخة بالفاعل ; أي ذكر بنفسه استئذانا لما خطر بقلبه ( فقال : لا تفعل ) : نهي عن ذلك ; لأن الرجل صحابي ، وقد وجب عليه الغزو فكان اعتزاله للتطوع معصية لاستلزامه ترك الواجب ، ذكر ابن الملك تبعا للطيبي رحمه الله ، وفيه أنه يمكن أنه أراد الاعتزال بعد فراغه من الجهاد ، كما هو شأن العباد والزهاد من العباد ( فإن مقام أحدكم ) : بفتح الميم ; أي قيامه ، وفي نسخة بضمها وهي الإقامة بمعنى ثبات أحدكم ( في سبيل الله ) : أي بالاستمرار في القتال مع الكفار خصوصا في خدمة سيد الأبرار ( أفضل من صلاته في بيته ) : يدل على أن طلبه كان مفضولا لا محرما ( سبعين عاما ) : المراد به الكثرة لا التحديد ، فلا ينافي ما ورد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال " مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرجل ستين سنة " . رواه الحاكم عن عمران بن حصين ، وقال : على شرط البخاري : ورواه ابن عدي وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنهم ولفظه " قيام أحدكم " . ( ألا ) : بالتخفيف للتنبيه ; أي : أما ( تحبون أن يغفر الله لكم ) : أي مغفرة تامة ( ويدخلكم الجنة ) : أي إدخالا أوليا ( اغزوا في سبيل الله ) : أي دوموا على الغزو في دينه كقوله تعالى : ( ياأيها النبي اتق الله ) من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة . رواه الترمذي ) .




الخدمات العلمية