الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3841 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قفلة كغزوة . رواه أبو داود .

التالي السابق


3841 - ( وعن عبد الله بن عمرو ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قفلة كغزوة ) : في النهاية : هو المرة من القفول ، وهو الرجوع عن سفره ، وفيه وجوه أحدها أن أجر المجاهد انصرافه إلى أهله بعد غزوه كأجره في إقباله إلى الجهاد ; لأن في قفوله إراحة للنفس واستعدادا بالقوة للعود وحفظا لأهله برجوعه إليهم ، ونظيره ما ورد أن الحاج في ضمان الله مقبلا ومدبرا ، وثانيها : إرادته التعقيب ، وهو رجوعه ثانيا في الوجه الذي جاء منه منصرفا ، وإن لم يلق عدوا ولم يشهد قتالا ، وقد يفعل ذلك الجيش إذا انصرفوا من مغزاهم نوعين أحدهما : أن [ ص: 2486 ] العدو إذا رآهم قد انصرفوا عنهم أمنوهم وخرجوا من أمكنتهم ، فإذا قفل الجيش إلى دار العدو نالوا الفرصة منهم فأغاروا عليهم ، والآخر : أنهم إذا انصرفوا ظاهرين لم يأمنوا أن يقفوا العدو أثرهم فيوقعوا بهم وهم غارون ، فربما استظهر الجيش ، أو بعضهم بالرجوع على أدراجهم ، فإن كان من العدو طلب كانوا مستعدين للقائهم ، وإلا فقد سلموا وأحرزوا ما معهم من الغنيمة . وثالثهما : أن يكون - صلى الله عليه وسلم - سئل عن قوم قفلوا لخوفهم أن يدهمهم من عدوهم من هو أكثر عددا منهم ، فقفلوا ليستضيفوا إليهم عددا آخر من أصحابهم ، ثم يكروا على عدوهم . قال التوربشتي : والأول أقوم ; لأن القفول إنما يستعمل في الرجوع عن الوجه الذي ذهب إليه لحاجة إلى حيث توجه منه . قلت : ويريده أن القفلة على ما ذكرت في الوجهين الآخرين لا يشك أحد فيها أنها غزوة ، فلا يظهر وجه قوله : كغزوة فالمعول على الأول ، والمعنى يثاب الغازي بقفوله ورجوعه ، كما يثاب بتوجهه إلى العدو وغزوه ; لأن حركات القفول من توابع الغزو فتكون في حكمه . قال الطيبي رحمه الله : التشبيه إنما يذهب إليه إما لإلحاق الناقص بالكامل ، أو لبيان المساواة ، فالتنكير إما للتعظيم ، فيكون معناه : رب قفلة تساوي الغزوة لمصلحة ما كما ذكر في الوجه الأول ، بل يمكن أن تكون القفلة أرجح من الغزوة إذا لم يكن في الغزوة مصلحة للمسلمين ، وفي القفلة مصلحة لهم كما ذكر في الوجه الثالث ، ولا يبعد أن تستعار القفلة للكرة . ( رواه أبو داود ) : وكذا أحمد والحاكم .




الخدمات العلمية