الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3847 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، أنه قال : يا رسول الله ! أخبرني عن الجهاد ، فقال : " يا عبد الله بن عمرو ! إن قاتلت صابرا محتسبا ; بعثك الله صابرا محتسبا . وإن قاتلت مرائيا مكاثرا ; بعثك الله مرائيا مكاثرا . يا عبد الله بن عمرو ! على أي حال قاتلت ، أو قتلت ; بعثك الله على تلك الحال " . رواه أبو داود .

التالي السابق


3847 - ( وعن عبد الله بن عمرو : بالواو ( أنه قال : يا رسول الله ! أخبرني عن الجهاد ) ; أي : تفضيله وتفصيله . قال الطيبي : هو مطلق يحتمل أنه سأل عن حقيقته وعن ثوابه وعن كونه مقبولا عند الله وغير مقبول ، والجواب ينبئ أنه سأل عن الثالث ( فقال : يا عبد الله ابن عمرو ) : لعل المراد بالنداء إظهار خصوصيته ، والحث على إقباله بكليته ( إن قاتلت صابرا محتسبا ) ; أي : خالصا لله تعالى ، وهما حالان مترادفان ، أو متداخلان ( بعثك الله تعالى صابرا محتسبا ) ; أي : متصفا بهذين الوصفين ، لما روي : كما تعيشون تموتون وكما تموتون تحشرون . قال الطيبي : أعاده في الجزاء ليؤذن بالتنكير فيهما على أن له أجرا وثوابا لا يقادر قدره ; أي : بعثك الله صابرا كاملا فيه ، فيوفى أجرا بغير حساب ومحتسبا ; أي : مخلصا متناهيا في إخلاصه راضيا ومرضيا ورضوان من الله أكبر ، ( وإن قاتلت مرائيا ) ; أي : في نية الأعمال ( مكثرا ) : أي : في تحصيل المال ( بعثك الله مرائيا مكثرا ) : قال الطيبي : التكاثر التباري في الكرة والتباهي بها ، وقد يكون هذا في الأنفس والأموال . قال تعالى : ( وتكاثر في الأموال والأولاد ) فالرجل يجاهد للغنيمة وإكثار المال ليباهي به ، ولأن يكثر رجاله وأعوانه وأجناده ولإعلاء كلمة الله وإظهار دينه . وقال ابن الملك قوله : مكاثرا ; أي : مفاخرا ، وقيل : هو أن يقول الرجل لغيره أنا أكثر منك مالا وعددا ; أي : غزوت ليقال : إنك أكثر جيشا وأشجع ; أي : ينادى عليك يوم القيامة إن هذا غزا فخرا ورياء لا محتسبا بأعماله ( يا عبد الله بن عمرو ) ; أي : كن حاضرا يقظا متأملا متفكرا ( على أي حال قاتلت ، أو قتلت ، بعثك الله على تلك الحال ) : وكذا بقية الأعمال على هذا المنوال . ( رواه أبو داود ) .

[ ص: 2490 ]



الخدمات العلمية