الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3898 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : بينما نحن في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جاءه رجل على راحلة فجعل يضرب يمينا وشمالا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " . من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له " قال : فذكر من أصناف المال حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل . رواه مسلم .

التالي السابق


3898 - ( وعن أبي سعيد ، رضي الله عنه ، قال : بينما نحن ) : أي : معاشر الصحابة ( في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل ) : وفي نسخة صحيحة : إذ جاءه رجل ( على راحلة ) : أي : ضعيفة ( فجعل ) : أي : شرع وطفق ( يضرب ) : أي : الراحلة ( يمينا وشمالا ) : أي : بيمينه وشماله ، أو يمينها وشمالها لعجزها عن السير ، وقيل : يضرب عينيه إلى يمينه وشماله ; أي : يلتفت إليهما طالبا لما يقضي له حاجته . ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من كان معه [ ص: 2514 ] فضل ظهر ) : أي : زيادة مركوب عن نفسه ( فليعد به ) : أي : فليرفق به ( على من لا ظهر له ) : ويحمله على ظهره ؛ من عاد علينا بمعروف ; أي : رفق بنا ، كذا في أساس البلاغة ( ومن كان له فضل زاد ) : أي : منه ومن دابته ( فليعد به على من لا زاد له ) : أي : مقدار كفايته ، ولعله - صلى الله عليه وسلم - اطلع على أنه تعبان من قلة الزاد ; أيضا ، أو ذكره تتميما وقصدا إلى الخير تعميما . قال المظهر : أي : طفق يمشي يمينا وشمالا ; أي : يسقط من التعب إذ كانت راحلته ضعيفة لم يقدر أن يركبها فمشى راجلا ، ويحتمل أن تكون راحلته قوية إلا أنه قد حمل عليها زاده وأقمشته ، ولم يقدر أن يركبها من ثقل حملها ، فطلب له - صلى الله عليه وسلم - من الجيش فضل ظهر ; أي : دابة زائدة على حاجة صاحبها . قال الطيبي : في توجيهه إشكال ; لأن على راحلته صفة رجل ; أي : راكب عليها ، وقوله : " فجعل " عطف على " جاء " بحرف التعقيب ، اللهم إلا أن يتمحل ويقال : إنه عطف على محذوف ; أي : فنزل فجعل يمشي . أقول : الأظهر أن يقال التقدير حامل متاعه على راحلته ، أو على بمعنى ( مع ) كقوله تعالى : وآتى المال على حبه قال الطيبي : الأوجه أن يقال : إن " يضرب " مجاز عن " يلتفت " لا عن " يمشي " ، وهذا أيضا يسقط الاحتمال الثاني الذي يأباه المقام ، ويشهد له ما روي في صحيح مسلم ، قال النووي : جاء رجل على راحلة فجعل يضرب بصره يمينا وشمالا ، هكذا في بعض النسخ ، وفي بعضها يصرف يمينا وشمالا ، وليس فيها ذكر بصره ، وفي بعضها يضرب بالضاد المعجمة ، والمعنى يصرف بصره متعرضا بشيء يدفع به حاجته ، وفيه حث على الصدقة والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب ، والاعتناء بمصالحهم والسعي في قضاء حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء ، وتعريضه من غير سؤال ، وإن كان له راحلة وعليه ثياب ، أو كان موسرا في وطنه ، فيعطى من الزكاة في هذا الحال ، والله أعلم .

( قال ) : أي : أبو سعيد ( فذكر ) : أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( من أصناف المال ) : كالثوب والنعال والقربة والماء والخيمة والنقود ونحوها . ( حتى رأينا ) : أي : ظننا ( أنه ) : أي : الشأن ( لا حق لأحد منا في فضل . رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية