الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3944 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرق ، ولها يقول حسان : وفي ذلك نزلت ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله متفق عليه .

التالي السابق


3944 - ( وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرق ) : بتشديد الراء ; أي أمر بقطع نخليهم وتحريقها ، وهم طائفة من اليهود وقصتهم مشهورة مذكورة في كتب السير كالمواهب ، وفي تفسير سورة الحشر كالبغوي ( ولها ) : أي لهذه القصة ، أو الحادثة ، أو لهذه النخلة ( يقول حسان ) : بتشديد السين ، ويجوز صرفه وعدمه بناء على أنه مأخوذ من الحسن ، أو الحس ، والأول أحسن ، وهو ابن ثابت بن المنذر ابن حرام الأنصاري ، شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، صحابي مخضرم ، عاش هو أبوه وجده وجد أبيه كل واحد منهم مائة وعشرين سنة ، ولا يعرف ذلك مجتمعا لغيرهم . كذا في حاشية القاموس ( وهان ) : أي سهل ( على سراة بني لؤي ) : بفتح السين جمع سرى ، وبنو لؤي بضم اللام وهمزة مفتوحة وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير ويبدل وياء مشددة ; أي : أشراف قريش ورؤساؤهم ( حريق ) : أي محروق فاعل هان ( بالبويرة ) : بضم الموحدة موضع نخل لبني النضير ( مستطير ) : صفة لحريق ; أي منتشر .

( وفي ذلك ) : أي فيما ذكر من القطع والتحريق ( نزلت ) : أي هذه الآية ما قطعتم من لينة : أي : أي شيء قطعتم من نخلة أو تركتموها : الضمير لما وتأنيثه ; لأنه مفسر باللينة قائمة على أصولها ; أي لم تقطعوها فبإذن الله : أي فبأمره وحكمه المقتضي للمصلحة والحكمة ، وتمام الآية : وليخزي الفاسقين أي وفعلتم ، أو أذن لكم في القطع بهم ليجزيهم على فسقهم بما ظنهم فيه ، وروي أنه عليه السلام لما أمر بقطع نخيلهم قالوا : يا محمد ! قد كنت تنهى عن الفساد في الأرض فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ فنزلت واستدل به على جواز هدم ديار الكفار وقطع أشجارهم زيادة لغيظهم ذكره البيضاوي . وقال النووي : اللينة المذكورة في القرآن هي أنواع التمر كلها إلا العجوة ، [ ص: 2538 ] وقيل : كرام النخل ، وقيل : كل النخل ، وقيل : كل الأشجار ، وقيل إن أنواع نخل المدينة مائة وعشرون نوعا ، وفيه جواز قطع شجر الكفار وإحراقه ، وبه قال الجمهور ، وقيل : لا يجوز . قال ابن الهمام : يجوز ذلك ; لأن المقصود كبت أعداء الله وكسر شوكتهم ، وبذلك يحصل ذلك ، فيفعلون ما يمكنهم من التحريق وقطع الأشجار ، وإفساد الزرع لكن هذا إذا لم يغلب على الظن أنهم مأخوذون بغير ذلك ، فإن كان الظاهر أنهم مغلوبون وأن الفتح باد كره ذلك ; لأنه إفساد في غير محل الحاجة وما أبيح إلا لها . ( متفق عليه ) : قال ابن الهمام : ورواه الستة في كتبهم .




الخدمات العلمية