الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3956 - وعن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " انطلقوا باسم الله ، وبالله وعلى ملة رسول الله ، لا تصيبوا شيخا فانيا ، ولا طفلا صغيرا ، ولا امرأة ، ولا تغلوا ، وضموا غنائمكم ، وأصلحوا ، وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين " . رواه أبو داود .

التالي السابق


3956 - ( وعن أنس رضي الله عنه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : انطلقوا ) : أي اذهبوا وسيروا متبركين ( باسم الله ) : مستعينين ( وبالله ) : ثابتين ( وعلى ملة رسول الله ) : والأحوال يجوز أن تكون مترادفات ، أو متداخلات ( لا تقتلوا ) : وفي نسخة : ولا تقتلوا ( شيخا فانيا ) : أي إلا إذا كان مقاتلا ، أو ذا رأي ، وقد صح أمره عليه السلام بقتل دريد بن الصمة ، وكان عمره مائة وعشرين عاما أو أكثر ، وقد جيء به في جيش هوازن للرأي ، ذكره ابن الهمام . ( ولا طفلا صغيرا ) : الظاهر أنه بدل ، أو بيان ; أي صبيا دون البلوغ ، واستثنى منه ما إذا كان ملكا ، أو مباشرا للقتال ( ولا امرأة ) : أي إذا لم تكن مقاتلة ، ولم تكن ملكة ، ولا ذات رأي في المحاربة ( ولا تغلوا ، وضموا ) : بضم أوله ; أي اجمعوا ( غنائمكم ، وأصلحوا ) : أي أموركم ( وأحسنوا ) : أي فيما بينكم ( فإن الله يحب المحسنين ) : أي يثيبهم ويكرمهم . ( رواه أبو داود ) .

قال ابن الهمام : وفيه خالد بن الفرز . قال ابن معين : ليس بذاك ، وأما معارضته . مما سبق من قوله : اقتلوا شيوخ المشركين فأضعف منه ، ثم على أصول كثير من الناس لا معارضة ، بل يجب أن يخص الشيوخ بغير الفاني ، ثم المراد بالشيخ الفاني الذي لا يقتل من لا يقدر على القتال ولا الصياح عند التقاء الصفين ، ولا على الإحبال ; لأنه يجيء منه الولد فيكثر محارب المسلمين ، ذكره في الذخيرة ، وزاد الشيخ أبو بكر الرازي في كتاب المرتد في شرح الطحاوي : أنه إذا كان كامل العقل نقتله ، ومثله نقتله إذا ارتد ، والذي لا نقتله الشيخ الفاني الذي خرف وزال عن حدود العقلاء المميزين ، فهذا حينئذ يكون بمنزلة المجنون فلا نقتله ، ولا إذا ارتد اهـ . ولا نقتل مقطوع اليد اليمنى والمقطوع يده ورجله من خلاف ، وفي السير الكبير : لا يقتل الراهب في صومعته ، ولا أهل الكنائس الذين لا يخالطون الناس ، فإن خالطوا قتلوا كالقسيس ، وروى مالك في موطئه عن يحيى بن سعيد ، أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام ، فخرج يشيع زيد بن أبي سفيان فقال : إني أوصيك بعشر : لا تقتلن صبيا ، ولا امرأة ، ولا كبيرا هرما ، ولا تقطعن شجرا مثمرا ، ولا تعقرن شاة ، ولا بقرة إلا لمأكلة ، ولا تحرقن ولا تخربن عامرا . ولا تغرقن ، ولا تجبن ، ولا تغل .




الخدمات العلمية