الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3988 - وعن يزيد بن هرمز ، قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم ، هل يقسم لهما ؟ فقال يزيد : اكتب إليه أنه ليس لهما سهم ، إلا أن يحذيا . وفي رواية : كتب إليه ابن عباس : إنك كتبت إلي تسألني : هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء ؟ وهل كان يضرب لهن بسهم ; فقد كان يغزو بهن يداوين المرضى ويحذين من الغنيمة ، وأما السهم فلم يضرب لهن بسهم . رواه مسلم .

التالي السابق


3988 - ( عن يزيد بن هرمز رضي الله عنه ) : بضم الهاء والميم غير مصروف وقيل : مصروف . قال المؤلف : همداني مولى بني ليث ، روى عن أبي هريرة ، وعنه ابنه عبد الله ، وعمرو بن دينار رواه الزهري . ( قال : كتب نجدة ) : بفتح نون وسكون جيم رئيس الخوارج . وفي القاموس : نجدة بن عامر الحنفي خارجي ( الحروري ) : بفتح فضم نسبة إلى قرية بظاهر الكوفة نسبة الخوارج إليها ; لأنها كانت محل اجتماعهم حين خرجوا على علي رضي الله عنه . في القاموس : حروراء كجلولاء ، وقد يقصر قرية بالكوفة وهو حروري ، والحرورية هم نجدة وأصحابه ( إلى ابن عباس فسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم ، هل يقسم لهما ؟ فقال ) : أي ابن عباس ( ليزيد ) : أي ابن هرمز ( اكتب إليه ) : أي إلى نجدة ( أنه ) : بالفتح ويجوز الكسر على الحكاية ; أي : اكتب هذا الكلام أنه ; أي الشأن ( ليس لهما سهم ) : أي نصيب ، وفي رواية : شيء ; أي من الغنيمة ( إلا أن يحذيا ) : بصيغة المجهول ; أي يعطيا شيئا قليلا . قيل : أقل من نصف السهم ، وقيل : أقل من السهم وهو المعتمد ، وفي النهاية : في الحديث إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه ; أي إن لم يعطك .

( وفي رواية ) : أي رواية أبي داود كما صرح به ابن الهمام ( كتب إليه ) : أي إلى نجدة ( ابن عباس : إنك ) : بالفتح كما في قوله تعالى : وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس الآية ويجوز الكسر على أن المكتوب هذا اللفظ . وقال ميرك : الظاهر فيه الكسر ، ويجوز الفتح على المعنى ; أي : كتب معنى هذا القول ( كتبت ) : أي إلي ( تسألني ) : استئناف مبين ، أو حال ( هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء ؟ وهل كان يضرب لهن بسهم ؟ فقد كان يغزو بهن : أي : يسافر بهن في غزوه ( يداوين المرضى ) : [ ص: 2572 ] أي ويعالجن الجرحى ويسقين الغزاة ويهيئن لهم أمورهم كما سبق في كلام ابن الهمام من حديث أم سليم ( ويحذين ) ; أي يعطين ( من الغنيمة ) : وفيه تأييد لمذهبنا كما سيأتي ( وأما السهم ) : أي سؤاله ( فلم يضرب ) : أي لم يقسم ولم يعين ولم يبين ( لهن بسهم ) : أي تام ، وفي رواية ابن الهمام : فأما أن يضرب لهن بسهم فلا ، وقد كان يرضخ لهن . ( رواه مسلم ) : وفيه أنه موهم أن مروي أبي داود رواه مسلم ; أيضا ، وليس كذلك . في شرح السنة : العمل على هذا عند أكثر أهل العلم أن العبيد والصبيان والنسوان إذا حضروا القتال يرضخ لهم ولا يسهم اهـ . والرضخ بضم الراء وبالمعجمتين إعطاء القليل . قال ابن الهمام : ولا يسهم لمملوك ولا امرأة ولا صبي ولا ذمي ، ولكن يرضخ لهم ويعطون قليلا من كثير ، فإن الرضخ في الإعطاء كذلك والكثير السهم ، فالرضخ لا يبلغ السهم ، ولكن دونه على حسب ما يراه الإمام ، وسواء قاتل العبد بإذن سيده ، أو بغير إذنه ، وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه عن عمير مولى أبي اللحم قال : شهدت خيبر مع سادتي إلى أن قال : فأخبر أني مملوك فأمر لي بشيء ، وأما ما في أبي داود والنسائي ، عن جدة حشرج بن زياد أم أبيه : أنها خرجت في غزوة خيبر سادسة ست من النسوة ، فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبعث إلينا فجئنا فرأينا في وجهه الغضب فقال : " مع من خرجتن وبإذن من خرجتن ؟ " فقلنا : يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ، ونعين في سبيل الله ، ومعنا دواء للجرحى ، ونناول السهام ، ونسقي السويق : فقال : " قمن " حتى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال ، وبه قال الأوزاعي ، فقال الخطابي : إسناده ضعيف لا يقوم به حجة ، وذكر غيره أنه لجهالة رافع وحسير حينئذ من رواته . وقال الطحاوي : يحتمل أنه عليه الصلاة والسلام استطاب أهل الغنيمة ، وقال غيره : يشبه أنه إنما أعطاهن من الخمس الذي هو حقه هذا ، ويمكن أن يكون التشبيه في أصل العطاء وإرادة بالسهم ما خصصن به ، والمعنى خصنا بشيء كما فعل بالرجال ، ثم الرضخ عندنا من الغنيمة قبل إخراج الخمس ، وهو قول الشافعي وأحمد ، وفي قول وهو رواية عن أحمد من أربعة الأخماس ، وفي قول للشافعي من خمس الخمس ، وقال مالك : من الخمس ، ثم إن العبد إنما يرضخ له إذا قاتل ، وكذا الصبي والذمي ; لأنهم يقدرون على القتال إذا فرض الصبي قادرا عليه ، فلا يقام غير القتال في حقهم مقامه ، بخلاف المرأة فإنها تعطى بالقتال وبالخدمة لأهل العسكر ، وإن لم تقاتل ; لأنها عاجزة عنه ، فأقام هذه المنفعة منها مقامه .




الخدمات العلمية