الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4060 - وعن مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه قال ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما الفيء فقال ما أنا أحق بهذا الفيء منكم ، وما أحد منا بأحق به من أحد إلا أنا على منازلنا من كتاب الله عز وجل

وقسم رسوله صلى الله عليه وسلم فالرجل وقدمه ، والرجل وبلاؤه ، والرجل وعياله ، والرجل وحاجته رواه أبو داود .

التالي السابق


4060 - ( وعن مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه ، قال : ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما الفيء فقال : ما أنا أحق ) : بالرفع وفي نسخة بالنصب أي : لست أولى ( بهذا الفيء منكم ) : قال الطيبي رحمه الله : أحق روي مرفوعا وهو على مذهب تميم والنصب أوجه بدليل إعمال ما في قوله : ( وما أحد منا بأحق به من أحد ) : أقول فيه بحث لاحتمال أن يكون محل الجار مرفوعا ، أو منصوبا ، ويمكن أن يقال الرفع هنا أوجه ليكون عملا باللغتين وتفننا في العبارتين ، ثم في أحق إشارة إلى أنه رضي الله عنه ليس أحق به كما كان عليه الصلاة والسلام أحق به ( إلا أنا على منازلنا ) : قال الطيبي رحمه الله تعالى مستثنى من أعم عام المفعول له أي : الشيء من الأشياء إلا لأنا على منازلنا وقوله : ( من كتاب الله عز وجل ) : حال من منازلنا أي : حاصلة منه اهـ . والأظهر أن الاستثناء منقطع أي : لكن نحن على منازلنا ومراتبنا المبينة من كتاب الله كقوله تعالى : ( للفقراء المهاجرين ) الآيات الثلاث . وقوله سبحانه : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) الآية . وغيرهما من الآيات

[ ص: 2638 ] الدالة على تفاوت منازل المسلمين ( وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : بالجر عطف على كتاب الله أي : ومن قسمه مما كان يسلكه صلى الله عليه وسلم من مراعاة التمييز بين أهل بدر وأصحاب بيعة الرضوان وذوي المشاهد الذين شهدوا الحروب وبين المعيل وغيره المشار إليه بقوله ( فالرجل ) : بالرفع وكذا قوله ( وقدمه ) بكسر القاف أي : سبقه في الإسلام وفي نسخة بفتحها أي : ثبات قدمه في الدين ، قيل تقدير الكلام فالرجل يقسم له ويراعى قدمه في القسم ، أو الرجل ونصيبه على ما يقتضيه قدمه ، أو الرجل وقدمه يعتبران في الاستحقاق وقبول التفاضل كقولهم : الرجل وضيعته وكذا قوله : ( والرجل وبلاؤه ) أي : شجاعته وجبانه الذي ابتلي به في سبيل الله ، والمراد مشقته وسعيه ، ( والرجل وعياله ) أي : ممن يمونه ( والرجل وحاجته ) أي : مقدار حاجته . قال شارح : وفي كتاب المصابيح : والرجل بالواو وليس بسديد رواية ودراية ، وإنما هو بالفاء التفصيلية ، فالرجل وقدمه على وجه التفسير لقوله : إلا أنا على منازلنا إلخ قال التوربشتي : كان رأي عمر رضي الله تعالى عنه أن الفيء لا يخمس ، وأن جملته لعامة المسلمين يصرف في مصالحهم لا مزية لأحد منهم على آخر في أصل الاستحقاق ، وإنما التفاوت في التفاضل بحسب اختلاف المراتب والمنازل ، وذلك إما بتنصيص الله تعالى على استحقاقهم كالمذكورين في الآية ، خصوصا منهم من كان من المهاجرين والأنصار ؛ لقوله تعالى : ( والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ) ، أو بتقديم الرسول صلى الله عليه وسلم وتفضيله إما لسبق إسلامه ، وإما بحسب بلائه وإما لشدة احتياجه وكثرة عياله ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية