الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4066 - وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ، قال : قلت : يا نبي الله ! إنا بأرض قوم أهل الكتاب . أفنأكل في آنيتهم : وبأرض صيد أصيد بقوسي وبكلبي الذي ليس بمعلم وبكلبي المعلم ، فما يصلح لي ؟ قال : أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب ، فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا فاغسلوا وكلوا فيها ، وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل ، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله فكل ، وما صدت بكلبك غير معلم فأدركت ذكاته فكل " . متفق عليه .

التالي السابق


4066 - ( وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه ) : بضم ففتح ، بايع النبي صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان ، وأرسله إلى قومه فأسلموا ، نزل الشام ومات بها سنة خمس وسبعين . ( قال : قلت : يا نبي الله ! ) : وفي نسخة : يا رسول الله ( إنا ) أي : نحن ( بأرض قوم أهل الكتاب ) : بدل ، أو بيان ( أفنأكل في آنيتهم ) : قال الطيبي : الهمزة يجوز أن تكون مقحمة ; لأن الكلام سيق للاستخبار ، وقوله : فنأكل معطوف على ما قبل الهمزة يعني فالتقدير : إنا نكون بأرض قوم فنأكل ، وأن يكون على معناها فيقدر معطوف عليه بعدها أي : أتأذن لنا فنأكل في آنيتهم ؟ ( وبأرض صيد ) : الإضافة لأدنى ملابسة أي : بأرض يوجد فيها الصيد ، أو يصيد أهلها حال كوني ( أصيد بقوسي وبكلبي [ ص: 2645 ] الذي ليس بمعلم وبكلبي المعلم ، فما يصلح لي ؟ ) أي : وما لا يصلح لي أكله ولما كان السؤال مركبا من مسألتين قال ) : مفصلا في الجواب ( أما ما ذكرت من آنية أهل الكتاب ) أي : ومن الأكل فيها ( فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ) أي : احتياطا لقوله صلى الله عليه وسلم : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك . وتنزها عن استعمال ظروفهم المستعملة في أيديهم ولو بعد الغسل ، وتنفيرا عن مخالطتهم على طريق المبالغة ، وهذا هو التقوى وما بعده حكم الفتوى ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب الآتي ذكره ، ( وإن لم تجدوا ) أي : غيرها ( فاغسلوها ) : أمر وجوب إذا كان هناك غلبة الظن على نجاستها وأمر ندب إذا كان الأمر بخلاف ذلك قاله ابن الملك . أمره صلى الله عليه وسلم يغسل إناء الكفار فيما إذا تيقن نجاسته وما لا فكراهته تنزيهية ( وكلوا فيها ) : قال البرماوي : ظاهره أنه لا يستعمل آنيتهم بعد الغسل إذا وجد غيرها ، وقد قال الفقهاء : يجوز استعمال آنيتهم بعد الغسل بلا كراهية سواء وجد غيرها ، أو لا ، فتحمل الكراهية في الحديث على أن المراد الآنية التي كانوا يطبخون فيها لحوم الخنزير ويشربون فيها الخمر ، وإنما نهى عنها بعد الغسل للاستقذار وكونها معتادة النجاسة ، ومراد الفقهاء الأواني التي ليست مستعملة في النجاسات غالبا ، وذكره أبو داود في سننه صريحا . قال النووي : ذكر هذا الحديث البخاري ومسلم مطلقا ، وذكره أبو داود مقيدا . قال : إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ، ويشربون في آنيتهم الخمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها الحديث ، ثم ذكر مثل ما تقدم في كلام البرماوي وقال : فالنهي بعد الغسل للاستقذار كما يكره الأكل في المحجمة المغسولة ( وما صدت ) : بكسر الصاد أي : وأما ما صدته ( بقوسك ) : أو برميك السهم بمعونة قوسك ( فذكرت اسم الله ) أي : في أول رميك ( فكل ، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله ) أي : حين إرسالك إياه ( فكل ، وما صدت بكلبك غير معلم ) : بجر غير على البدلية . وفي نسخة بالنصب على الاستثناء ، وفى نسخة غير المعلم بالتعريف ( فأدركت ذكاته ) : بالذال المعجمة أي : ذبحه ، والمعنى أدركته حيا وذبحته ( فكل . متفق عليه ) .




الخدمات العلمية