الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4352 - وعن أبي الأحوص ، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي ثوب دون ، فقال لي : " ألك مال ؟ " قلت : نعم . قال : من أي المال ؟ " قلت : من كل المال ، قد أعطاني الله من الإبل والبقر والغنم والخيل والرقيق . قال : ( فإذا آتاك الله مالا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته " . رواه أحمد ، والنسائي ، وفي شرح السنة بلفظ المصابيح .

التالي السابق


4352 - ( وعن أبي الأحوص ) : اسمه عوف بن مالك بن نضر ، سمع أباه وابن مسعود وأبا موسى ، روى عنه الحسن البصري ، وأبو إسحاق ، وعطاء بن السائب . ( عن أبيه ) : أي مالك بن نضر ، ولم يذكره المؤلف في أسمائه ، وإنما ذكر اسمه كما سبق . ( قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي ثوب دون ) : أي دنيء غير لائق بحالي من الغنى ، ففي القاموس : دون على الشريف ، والخسيس ضد ( فقال لي : " ألك مال ؟ " قلت : نعم . قال : " من أي المال ؟ ) : أي من أي صنف من جنس الأموال ؟ ( قلت : من كل المال ) : أي من كل هذا الجنس وللتبعيض ، والمعنى بعض كل هذا الجنس ( قد أعطاني الله ) : أي أعطانيه وقوله : ( من الإبل ) : بيان لمن المراد منه البعض ، والأظهر أن قوله : قد أعطاني استئناف مبين لما قبله ، ويؤيده ما في بعض النسخ من قوله : " فقد " بالفاء ، ويقويه قول الطيبي أي من كل ما تعورف بالمال بين أبناء الجنس ، وقوله : فأعطاني الله من الإبل بيان له وتفصيل اهـ . وقد عرفت أن لفظ المشكاة ليس فأعطاني ، بل قد أعطاني الله من الإبل ( والبقر والغنم والخيل والرقيق ) : أي من المماليك من نوع الإنسان ( قال : فإذا آتاك ) : بالمد أي أعطاك ( الله مالا ) : أي كثيرا أو عظيما ( فلير ) : بصيغة المجهول أي فليبصر وليظهر ( أثر نعمة الله عليك وكرامته ) : أي الظاهرة ، والمعنى البس ثوبا جيدا ليعرف الناس أنك غني ، وأن الله أنعم عليك بأنواع النعم . وفي شرح السنة : هذا في تحسين الثياب بالتنظيف والتجديد عند الإمكان من غير أن يبالغ في النعامة والدقة ، ومظاهرة الملبس على اللبس على ما هو عادة العجم ، قلت : اليوم زاد العرب على العجم ، وقد قيل : من رق ثوبه رق دينه . قال البغوي : وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينهى عن كثير من الإزفا اهـ . وروى البيهقي عن أبي هريرة وزيد بن ثابت أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الشهرتين : رقة الثياب وغلظها ولينها وخشونتها وطولها وقصرها ، ولكن سداد فيما بين ذلك واقتصاد . ( رواه النسائي ) : وفي نسخة : رواه أحمد والنسائي ( وفي شرح السنة بلفظ المصابيح ) .

[ ص: 2785 ]



الخدمات العلمية