الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4411 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " لا يمشي أحدكم في نعل واحدة ، ليحفهما جميعا ، أو لينعلهما جميعا " . متفق عليه .

التالي السابق


4411 - ( وعنه ) : أي عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ( لا يمشي أحدكم ) : نفي بمعنى النهي للتنزيه ، وفي الشمائل : " لا يمشين أحدكم في نعل واحدة " : وفي رواية للشمائل : واحد بالتذكير لتأويل النعل بالملبوس ( ليحفهما ) : بضم الياء وكسر الفاء ، وفي نسخة بفتحهما ، فهو من باب الأفعال أو من باب علم .

والإحفاء ضد الإنعال ، وهو جعل الرجل حافية بلا نعل وخف أي ليمش حافي الرجلين ( جميعا أو ) : للتخيير ( لينعلهما ) : وهو بالضبطين المذكورين ( جميعا ) : والضميران للقدمين وإن لم يجر لهما ذكر لدلالة السياق ، وهذا مشهور في لغة العرب ، وجاء به القرآن ذكره ابن عبد البر ، وكأنه أراد قوله تعالى : حتى توارت بالحجاب ، [ ص: 2811 ] وقوله سبحانه : ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ، لكن إذا روي لينعلهما بفتح تعين أن يكون الضمير للنعلين ، اللهم إلا أن يقال : التقدير ليلبس نعل القدمين ، وقد بسطنا هذا المبحث في شرح الشمائل .

قال القاضي : إنما نهى عن ذلك لقلة المروءة والاختلال والخبط في المشي ، وما روي عن عائشة أنها قالت : " ربما مشى النبي - صلى الله عليه وسلم - في نعل واحدة " - إن صح - فشيء نادر لعله اتفق في داره بسبب . قلت : وعلى تقدير كونه بعد النهي يحمل على حال الضرورة أو بيان الجواز ، وأن النهي ليس للتحريم ، قال الخطابي : المشي يشق على هذه الحالة مع سماحته في الشكل ، وقبح منظره في العين ، وقيل : لأنه لم يعدل بين جوارحه ، وربما نسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي وضعفه . وقال ابن العربي : العلة فيه أنها مشية الشيطان .

وقال البيهقي : الكراهة للشهرة فتمتد الأبصار لمن يرى ذلك منه ، وقد ورد النهي عن الشهرة في اللباس ، وكل شيء يصير صاحبه مشهورا ، فحقه أن يجتنب . كذا حققه العسقلاني ، وقال : قد أخرج ابن ماجه بلفظ : " لا يمش أحدكم في نعل واحد ولا في خف واحد " وألحق بعضهم بذلك إخراج أحد اليدين من الكم ، وإلقاء الرداء على أحد المنكبين ، ولبس نعل في رجل وخف في أخرى . ذكره في شرح السنة ، وتعقبه ابن حجر بما لا يجدي . ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية