الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4479 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يصفر لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة فقيل له : لم تصبغ بالصفرة ؟ قال : إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها ، ولم يكن شيء أحب إليه منها ، وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها ، حتى عمامته ، رواه أبو داود والنسائي .

التالي السابق


4479 - ( وعن ابن عمر ، أنه كان يصفر لحيته بالصفرة ) : أي بالورس وهو نبت يشبه الزعفران ، وقد يخلط به كما سبق ( حتى يمتلئ ) : بصيغة التذكير ويؤنث ( ثيابه ) : أي من القناع أو غيره من أعاليه ( من الصفرة فقيل : لم تصبغ ) : بضم الموحدة ويفتح ويكسر ( بالصفرة ؟ ) أي والحال أن غيرك لم يصبغ . ( قال : إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها ) : أي بالصفرة ، والظاهر أن مراد ابن عمر : أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يصبغ لحيته بها كما تقدم ; ولأن يكون دليلا لصبغ ابن عمر لحيته ، وفي حاشية الموطأ للسيوطي قيل : المراد في هذا الحديث صبغ الشعر ، وقيل : صبغ الثوب . قال الحسن : وهو الأشبه لأنه لم ينقل أنه - عليه الصلاة والسلام - صبغ شعره ، وقال عياض : وهذا أظهر الوجهين . قلت : ثبت أنه - عليه الصلاة والسلام - نهى أن يتزعفر الرجل ، وقد أنكر على من لبس الثوب المعصفر والمزعفر ، فكيف يحمل عليه ؟ فالصحيح ما قاله صاحب النهاية من أن المختار أنه - عليه الصلاة والسلام - صبغ في وقت ، وترك في معظم الأوقات ، فأخبر كل بما رأى وهو صادق ، وهذا التأويل كالتعين للجمع فيه بين الأحاديث اهـ . وهو نهاية المدعي .

( ولم يكن شيء أحب إليه ) : أي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ( منها ) : أي من الصفرة في اللحية ( وقد كان ) : أي ابن عمر ( يصبغ بها ثيابه كلها ، حتى عمامته ) : ولعل المراد أن ثيابه جميعها حتى عمامته تتصفر من أثر تلك الصفرة ، لا أنه يصبغها بها ، ثم يلبسها ، لما سبق من النهي عنها ، والله أعلم . ( رواه أبو داود ، والنسائي ) . وفي شرح السنة : كان الحسن البصري يصفر لحيته حينا ، ثم تركه ، وعن أبي أمامة ، وجرير بن عبد الله ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الله بن بسر : أنهم كانوا يصفرون لحاهم ، وكان سالم بن عبد الله ، وسعيد بن المسيب يفعلان ذلك ، ويكرهون الخضاب بالسواد . قال سعيد بن جبير : يعمد أحدكم إلى نور جعله الله في وجهه فيطفئه . وكان شديد بياض الرأس واللحية .




الخدمات العلمية