الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4520 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " في الحبة السوداء شفاء من كل داء ، إلا السام " قال ابن شهاب : السام : الموت . والحبة السوداء : الشونيز . متفق عليه .

التالي السابق


4520 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : في الحبة السوداء شفاء من كل داء ) : قيل أي من كل داء من الرطوبة والبلغم ، وذلك لأنه حار يابس فينفع في الأمراض التي تقابله ، فهو من العام المخصوص ، وقيل : هو على عمومه وأنها تدخل في كل داء بالتركيب .

قال الكرماني : ومما يدل على تعيين العموم الاستثناء بقوله : ( إلا السام ) : بسين مهملة ، ثم ألف وميم مخففة لم يذكره في القاموس . ( قال ابن شهاب ) : أي الزهري وهو الراوي عن أبي هريرة ( السام : الموت . والحبة السوداء : الشونيز ) : بفتح الشين المعجمة وحكي ضمها ، وهو موجود في بعض النسخ ، وفسرها به لشهرته إذ ذاك ، وتفسيرها به هو الأكثر ، وهو الكمون الأسود أو الخردل أو ثمر البطم بضم الموحدة وسكون المهملة الحبة الصفراء ، والعرب تسمي الأصفر أسود . وقال النووي : هذا أي الشونيز هو الصواب المشهور الذي ذكره الجمهور . قال القاضي : وروي عن الحسن أنها الخردل ، وقيل وهي الحبة الخضراء وهو البطم ، والعرب تسمي الأخضر أسود . قال الخطابي في أعلام السنن : وهذا من عموم اللفظ الذي يراد به الخصوص ، وليس يجمع في طبع شيء من النبات والشجر جميع القوى التي تقابل الطبائع كلها في معالجة الأدواء على اختلافها من تباين طبائعها قلت : ليس من الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد ، قال : وإنما أراد أنه شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة والبرودة والبلغم ، وذلك أنه حار يابس ، فهو شفاء بإذن الله للداء المقابل له في الرطوبة والبرودة ، وذلك أن الدواء أبدا بالمضاد والغذاء بالمشاكل .

قال الطيبي : ونظيره قوله تعالى في حق بلقيس : وأوتيت من كل شيء قوله تعالى : تدمر كل شيء إطلاق العموم وإرادة الخصوص . قلت : لا نزاع في جواز هذا ، لكن الإتيان يمنع حملهما على العموم على ما هو عند كل أحد معلوم ، وأما ما نحن فيه ، فقد تقدم أن معيار العموم فيه الاستثناء ، كقوله تعالى : إن الإنسان لفي خسر ، إلا الذين آمنوا . ( متفق عليه ) .

ورواه أحمد وابن ماجه قيل : وزاد الأربعة بعد قوله : من كل داء إلا داء واحدا الهرم ، وزاد النسائي : علمه من علمه وجهله من جهله ، والله أعلم .




الخدمات العلمية