الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4588 - وعن بريدة - رضي الله عنه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء ، فإذا بعث عاملا سأل عن اسمه ، فإذا أعجبه اسمه فرح به ، ورئي بشر ذلك في وجهه . وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك في وجهه . وإذا دخل قرية سأل عن اسمها ، فإن أعجبه اسمها فرح به ورئي بشر ذلك في وجهه ، وإن كره اسمها رئي كراهة ذلك في وجهه .

رواه أبو داود .

التالي السابق


4588 - ( وعن بريدة - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء ) أي من جهة شيء من الأشياء إذا أراد فعله ، ويمكن أن تكون " من " مرادفة للباء ، فالمعنى ما كان يتطير بشيء مما يتطير به الناس ، ( فإذا بعث عاملا ) : أي أراد إرسال عامل ( سأل عن اسمه ، إذا أعجبه اسمه فرح به ، ورئي ) : أي وظهر ( بشر ذلك ) بكسر الموحدة أي : أثر بشاشته وانبساطه ( في وجهه ، وإن كره اسمه رئي كراهية ذلك ) : أي ذلك الاسم المكروه ( في وجهه ) : أي : وغير ذلك الاسم إلى اسم حسن ، ففي رواية البزار والطبراني في الأوسط ، عن أبي هريرة : إذا بعثتم إلي رجلا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم . قال ابن الملك : فالسنة أن يختار الإنسان لولده وخادمه من الأسماء الحسنة ، فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر كما لو سمي أحد ابنه بخسار ، فربما جرى قضاء الله لأن يلحق بذلك الرجل أو ابنه خسار ، فيعتقد بعض الناس أن ذلك سبب اسمه ، فيتشاءمون ويحترزون عن مجالسته ومواصلته .

وفي شرح السنة : ينبغي للإنسان أن يختار لولده وخدمه الأسماء الحسنة ، فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر . روي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - قال لرجل : ما اسمك ؟ قال : جمرة . قال : ابن من ؟ قال : ابن شهاب . قال : ممن ؟ قال : من الحراقة . قال : أين مسكنك ؟ قال : بحرة النار . قال : بأيها ؟ قال : بذات لظى ، فقال عمر : أدرك أهلك فقد احترقوا ، فكان كما قال عمر رضي الله تعالى عنه ، اهـ . ولعل في هذا المعنى ما قيل : إن الأسماء تنزل من السماء ، فالحديث في الجملة يرد على ما في الجاهلية من تسمية أولادهم بأسماء قبيحة ، ككلب ، وأسد ، وذئب . وعبيدهم ، براشد ونجيح ونحوهما . معللين بأن أبناءنا لأعدائنا وخدمنا لأنفسنا .

( وإذا دخل قرية سأل عن اسمها ، فإن أعجبه اسمها فرح ) : أي به كما في الأصل الأصح أي باسمها ، وفي نسخة بها أي بتلك القرية ، أو باسمها على تقدير مضاف ، أو اكتسب تأنيث من المضاف إليه . ( ورئي بشر ذلك في وجهه ، وإن كره اسمها رئي كراهية ذلك في وجهه ) . ليس في الحديث أنه كان يتطير بالأسماء القبيحة كما يوهمه إيراده في هذا الباب ، فإن محله باب الأسماء ، وكأن المصنف راعى صدر الحديث ، فأورده اعتمادا على دلالته ؛ نفي التطير مطلقا .

[ ص: 2901 ] ( رواه أبو داود ) أي : الحديث بكماله ، ولعله مركب من حديثين كما يدل عليه ما في الجامع ، من أن الحكيم الترمذي ، والبغوي ، رويا عن بريدة : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير ، ولكن يتفاءل . وتقدم أنه كان يتفاءل ولا يتطير ، وكان يحب الاسم الحسن .




الخدمات العلمية