الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 437 ] الفصل الثاني 457 - عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة ، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه ، فقالت : يا رسول الله ، إني كنت جنبا . فقال : " إن الماء لا يجنب " . رواه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجه . وروى الدارمي نحوه .

التالي السابق


الفصل الثاني

457 - ( وعن ابن عباس قال : اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ) : هي ميمونة خالة ابن عباس ( في جفنة ) أي : مدخلة يدها في جفنة صحفة كبيرة ليطابق قوله : " إن الماء لا يجنب " قاله الطيبي . قال ابن حجر : أي مدخلة يدها في جفنة تغترف منها ، وإنما حمل على هذا دون كونها في الجفنة الشاهد لما قاله المالكية من طهورية الماء المستعمل فيه ، ليطابقه الجواب الآتي : إن الماء لا يجنب ا هـ . وفيه نظر لصحة ذلك الجواب على كل الماء من الاحتمالين ، وإنما الذي ينبغي أن يجاب به أن يقال : هذا محتمل لكل من الاحتمالين ، فعلى احتمال الاعتراف لا حجة لهم ، وأنها اغتسلت في نفس الجفنة لهم حجة فيه ، لكن الدليل إذا احتمل مثل ذلك يصير لا متمسك فيه لكل من الخصمين ، فينتقلان إلى غيره ، هذا كله مع قطع النظر عن الرواية الآتية عن لفظ المصابيح ، إما مع النظر إليها فالحديث لا متمسك لهم فيه البتة ; لتصريحه بأن الغسل من الجفنة لا فيها ، وأنه فضل منها فضلة ، والحكم بطهارة تلك الفضلة لا يقتضي طهورية المستعمل ( فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ منه ) : أي : من ماء الجفنة ( فقالت : يا رسول الله ، إني كنت جنبا ) : أي : واغتسلت بهذا الماء ، وهو فضلة يدي ، والجنب مصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث ( فقال : إن الماء لا يجنب ) : بضم الياء وكسر النون ، ويجوز فتح الياء وضم النون ، قاله الزعفراني ، أي : لا يصير جنبا ، قال التوربشتي : الماء إذا غمس فيه الجنب يده لم ينجس ، فربما سبق إلى فهم بعضهم أن العضو الذي عليه الجنابة في سائر الأحكام كالعضو الذي عليه النجاسة فيحكم بنجاسة الماء من غمس العضو الجنب ، كما يحكم بنجاسة من غمس النجس فيه ، فبين لهم أن الأمر بخلاف ذلك ا هـ . كلامه .

فإن قلت : كيف الجمع بين هذا الحديث ، وحديث حميد في الفصل الثالث : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل الرجل بفضل المرأة ؟ قلت : هذا الحديث يدل على الجواز ، وذلك على ترك الأولى للتنزيه . قاله الطيبي . ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن صحيح نقله السيد ، ( وأبو داود ، وابن ماجه ) : كذا اللفظ ( وروى الدارمي نحوه ) : أي : بمعناه .




الخدمات العلمية