الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4654 - وعن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - قال : كنا في الجاهلية نقول : أنعم الله بك عينا ، وأنعم صباحا . فلما كان الإسلام نهينا عن ذلك . رواه أبو داود .

التالي السابق


4654 - ( وعن عمران بن حصين ، قال : كنا في الجاهلية نقول : أنعم الله بك عينا ) ، الباء زائدة لتأكيد التعدية ، والمعنى : أقر الله عينك بمن تحبه . وعينا : تمييز من المفعول ، أو بما تحبه من النعمة ، ويجوز كونه من أنعم الرجل إذا دخل في النعيم فالباء للتعدية ، وقيل : الباء للسببية ، أي : أنعم الله بسببك عينا أي : عين من يحبك ، وأنعم بقطع همز وكسر عين ، وفي نسخة بهمز وصل وفتح عين من النعومة وقوله : ( صباحا ) : تمييز أو ظرف أي : طاب عيشك في الصباح ، وإنما خص الصباح ; لأن الكلام فيه وهو الموافق للمتعارف في زماننا على لسان العامة صبحكم بالخير ومساكم بالكرامة ، وأسعد الله مقيلكم ، وأمثال ذلك . الجوهري : النعم بالضم خلاف البؤس ، ونعم الشيء بالضم نعومة ، أي : صار ناعما لينا ، ويقال : أنعم الله عليك من النعمة ، وأنعم صباحك من النعومة ، وأنعم الله بك عينا أي : أقر الله عينك بمن تحبه ، وكذلك نعم الله بك عينا .

وقال صاحب النهاية : في حديث مطرف لا تقل نعم الله بك عينا ، فإن الله لا ينعم بأحد عينا ، بل قل : أنعم الله بك عينا . قال الزمخشري : الذي منع منه مطرف صحيح فصيح في كلامهم ، وعينا نصب على التمييز من الكاف والباء للتعدية ، والمعنى نعمك الله عينا أي : نعم عينك وأقرها ، وقد يحذفون الجار ويوصلون الفعل [ ص: 2949 ] فيقولون : نعمك الله عينا ، وأما أنعم الله بك عينا فالباء فيه زائدة ; لأن الهمزة كافية في التعدية . تقول : نعم زيد عينا وأنعمه الله عينا ، ويجوز أن يكون من أنعم إذا دخل في النعيم فيعدى بالباء ، قال : ولعل مطرفا خيل إليه أن انتصاب التمييز في هذا الكلام عن الفاعل فاستعظمه ، تعالى الله أن يوصف بالحواس علوا كبيرا ، كما يقولون : نعمت بهذا الأمر عينا ، والباء للتعدية فحسب أن الأمر في نعم الله بك عينا ، كذلك قالالطيبي : يحتمل أن يكون الباء سببية ، وعينا مفعول أنعم ، والتنوين للتفخيم ، أي : أنعم الله بسببك عينا ، وأي عين عين من يحبك ؟ فيكون كناية عن خفض عيشة ورفاهية لا يحوم حولها خشونة ، وقوله : ( وأنعم صباحا ) . معناه طاب عيشك في الصباح ، وإنما خص الصباح به ; لأن الغارات والمكاره تقع صباحا . وقال شارح من علمائنا : قيل معناه : طاب عيشك في الصباح ، والصواب أطاب الله عيشك في الصباح ، أو هو منصوب على التمييز من الفاعل . ( فلما كان ) أي : وجد ( الإسلام ) : ووقع أحكامه على وجه الإحكام ( نهينا عن ذلك ) أي : عما ذكر من الأقوال ابتداء بوضعها موضع السلام ، فلا محذور أن بدأ بالسلام ، ثم ثناه بنحو ما تقدم من الكلام . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية