الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4658 - وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه كاتب ، فسمعته يقول : " ضع القلم على أذنك ; فإنه أذكر للمآل " . رواه الترمذي . . وقال : هذا حديث غريب ، وفي إسناده ضعف .

التالي السابق


4658 - ( عن زيد بن ثابت - رضي الله تعالى عنه - ) ، وهو من أجلاء الصحابة ، وأكابر قرائهم ، وأفضلهم في علم الفرائض ، وأعظمهم في كتابة الوحي وقد سبقت ترجمته . ( قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه كاتب ، فسمعته ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( يقول ) أي : له ( ضع القلم على أذنك ) ، بضم الذال ويسكن أي : فوق أذنك معتمدا عليها . وفي نسخة مطابقة لما في نسخ المصابيح على أذنيك أي : إحداهما ، وقد تقدم عن التوربشتي أن ما في نسخ المصابيح أذنيك بالتثنية خطأ وتبعه ميرك . وقال : وفي نسخ المصابيح أذنيك ، وبالإفراد هو الصحيح . قلت : إن كان المراد رواية فمسلم ، وأما دراية فله وجه كما ذكرناه . ( فإنه ) أي : وضع القلم على الأذن ( أذكر ) أي : أكثر ذكرا ( للمآل ) أي : لعاقبة الأمر ، والمعنى : أنه أسرع تذكيرا فيما يراد من إنشاء العبارة في المقصود . قيل : السر في ذلك أن القلم أحد اللسانين المترجمين عما في القلب من الكلام وفنون العبارات ، فتارة يترجم عنه اللسان اللحمي المعبر عنه بالقول ، وتارة يعبر عنه بالقلم ، وهو المسمى بالكتابة ، وكل واحد من اللسانين يسمع ما يريد من القول . وفنون الكلام من القلب ، ومحل الاستماع الأذن ، فاللسان موضوع دائما على محل الاستماع ، ودرج القلب ، فلم يزل يسمع منه الكلام والقلم منفصل عنه خارج عن محل الاستماع ، فيحتاج في الاستماع إلى قرب من محل الاستماع ، والدنو إلى طريقه ليسمع من القلب ما يريده من العبارات وفنون الكلام ، فيكتب اهـ . وحاصله أن القرب الصوري له محل تأثير من المقصود المعنوي . ( رواه الترمذي ، وقال : هذا حديث غريب ) ، أي

[ ص: 2951 ] متنا أو إسنادا . ( وفي إسناده ضعف ) . أي : بالنسبة إلى بعض رجاله ، فالحديث ضعيف ، وقد سبق وجه ضعفه في كلام الإمام التوربشتي ، لكن يعضده أن ابن عساكر روى عن أنس مرفوعا ولفظه : " إذا كتبت فضع قلمك على أذنك ، فإنه أذكر لك " . وفي الجامع الصغير برواية الترمذي عن زيد بن ثابت مرفوعا بلفظ : " ضع القلم على أذنك ، فإنه أذكر للمملي " . أقول : ولعل هذا اللفظ هو الصحيح في الحديث ، وأن لفظ للمآل مصحف عن هذا المقال ، ويؤيده رواية أذكر لك ، ويكون المعنى حينئذ أن وضع القلم على الأذن أقرب تذكرا لموضعه وأيسر محلا لتناوله ، بخلاف ما إذا وضعه في محل آخر ، فإنه ربما يتعسر عليه حصوله بسرعة من غير مشقة ، مع أنه يمكن أن يؤول لفظ المآل إلى أن يؤول إلى هذا المعنى بأن يقال التقدير : فإنه أذكر لمآلك أو لمآل المملي عند طلب القلم على وجه الاستعجال فيندفع ما تقدم من غاية التكلف ونهاية التعسف مما سبق في المقال والله أعلم بالحال .




الخدمات العلمية