الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 2970 ] 4691 - وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بصبي فقبله ، فقال : " أما إنهم مبخلة مجبنة ، وإنهم لمن ريحان الله " . رواه في " شرح السنة "

التالي السابق


4691 - ( وعن عائشة رضي الله تعالى عنها ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بصبي ) أي : جيء إليه ( فقبله ، فقال : أما ) : بفتح الهمزة وتخفيف الميم للتنبيه ( إنهم ) أي : الأولاد بقرينة المقام وتقدم ذكر الصبي ( مبخلة ) : بفتح الميم وسكون الموحدة أي : مسبب ومحصل للبخل ، ففي النهاية : المبخلة مفعلة من البخل ومظنة له أي : يحمل أبويه على البخل ، ويدعوهما إليه فيبخلان بالمال لأجله ( مجبنة ) : بفتح ميم وسكون جيم وفتح موحدة أي : باعث على الجبن ، وهذا يدل على كمال محبتهم وغاية مودتهم حتى يختار أكثر الناس حبهم على محامد المحاسن الرضية والأمور المأمور بها في الشريعة الحنفية النافعة لهم في القضايا الدينية والدنيوية . وفي الفائق : معناه أن الولد موقع أباه في الجبن خوفا من أن يقتل في الحرب ، فيضيع ولده بعده ، وفي البخل إبقاء على ماله له . والواو في قوله ( وإنهم ) : للحال كأنه قال مع أنهم ( لمن ريحان الله ) أي : من رزق الله يقال : سبحان الله وريحانه أي : أسبح له وأسترزقه ، وهو مخفف عن ريحان فيعلان من الروح ; لأن انتعاشه بالرزق ، ويجوز أن يراد بالريحان المشموم ; لأن الشمامات تسمى ريحانا ، ويقال حباه بطاقة نرجس وبطاقة ريحان ، فيكون المعنى : وأنهم مما أكرم الله به الأناسي ، وحباهم به ; أو لأنهم يشمون ويقبلون ، فكأنهم من جملة الرياحين التي أنبتها الله . وقال شارح أي : من رزق الله أو من الطب الذي طيب الله به قلوب الآباء . والريحان الرزق ، وأيضا نبت طيب الريح .

وقال الطيبي قوله : أما إنهم إلخ تذييل للكلام السابق ، ولذلك جمع الضمير الراجع إلى الصبي ليعقب الحكم الخاص بالعام ويؤكده ، فيدخل فيه دخولا أوليا . وقوله : وإنهم لمن ريحان الله من باب الرجوع ؛ ذمهم أولا ثم رجع منه إلى المدح ، قلت : بل نبه أولا على ما قد يترتب على وجودهم من الأمور المذمومة احتراسا عنها ، ثم مدحهم بأنهم مع ذلك راحة للروح ، وبيان للرزق والفتوح ، وبقاء معنوي ونظام دنيوي وأخروي ، ولذا قيل : الولد إن عاش نفع ، وإن مات شفع . وقد روى الحكيم الترمذي ، عن خولة بنت حكيم مرفوعا " الولد من ريحان الجنة " . وروى أبو يعلى ، عن أبي سعيد مرفوعا ( الولد ثمر القلب وأنه مجبنة مبخلة محزنة . رواه ) أي : البغوي ( في شرح السنة ) أي : بإسناده .




الخدمات العلمية