الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4701 - وعن سعيد بن أبي الحسن - رضي الله عنهما - قال : جاءنا أبو بكرة رضي الله عنه في شهادة ، فقام له رجل من مجلسه ، فأبى أن يجلس فيه ، وقال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذا ، ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه . رواه أبو داود .

التالي السابق


4701 - ( وعن سعيد بن أبي الحسن ) : هو أخو الحسن البصري . قال المؤلف : واسم أبي الحسن يسار البصري تابعي ، روى عن ابن عباس وأبي هريرة ، وعنه قتادة وعوف ، مات قبل أخيه بسنة ، وذلك سنة تسع ومائة . ( قال : جاءنا أبو بكرة ) أي : الثقفي صحابي جليل تقدم ذكره ( في شهادة ) أي : لأداء شهادة كانت عنده ( فقام له رجل من مجلسه ) ، أي : ليجلس هو فيه ( فأبى أن يجلس فيه ) ، أي : في ذلك المجلس ( وقال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذا ) ، أي : أن يقوم أحد ليجلس غيره في مجلسه ، ذكره الطيبي : والأظهر أن يكون إشارة إلى الجلوس في موضع يقوم منه أحد ، ويمكن أن تكون الإشارة إلى المعنى المفهوم من السياق ، وهو أن يقام أحد من مجلسه ، وهذا في معناه ، ويؤيده ما سبق من حديث : لا يقيم الرجل الرجل ، ويوافقه ما أخرجه البخاري عن ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يقام الرجل من مقعده ويجلس فيه آخر . ( ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يمسح الرجل يده ) أي : إذا كانت ملوثة بطعام مثلا ( بثوب من لم يكسه ) . بفتح الياء وضم السين أي : بثوب شخص لم يلبسه ذلك الرجل الثوب ، والمراد منه النهي عن التصرف في مال الغير ، والتحكم على من لا ولاية له عليه . وقال المظهر : معناه إذا كانت يدك ملطخة بطعام ، فلا تمسح يدك بثوب أجنبي ، ولكن بإزار غلامك أو ابنك وغيرهما ممن ألبسته الثوب . قال الطيبي : لعل المراد بالثوب الإزار والمنديل ونحوها ، فلما أطلق عليه لفظ الثوب عقبه بالكسوة مناسبة للمعنى ، أي : نهى أن يمسح يده بمنديل الأجنبي ، فيمسح بمنديل نفسه ، أو منديل وهبه من غلامه أو ابنه انتهى . والأظهر أن صاحب الثوب إذا كان راضيا يجوز له ذلك ، وكذلك إذا علم أن الشخص قام عن المجلس بطيب خاطر ، فلا بأس بجلوسه ، كما يستفاد من قوله تعالى : تفسحوا في المجالس ، وكذا من قوله سبحانه : " وإذا قيل انشزوا فانشزوا " ، ومما يدل عليه حديث : صدر الدابة أحق بصاحبها إلا إذا أذن ، وأمثال ذلك كثير في الفروع كما في باب أمام الجنازة ، فامتناع الصحابي من الجلوس إما لشك رضا الرجل لكونه قام بأمر بعض أو بسبب حياء ، وإما الاحتياط والورع ، وإما لحمله الحديث على الإطلاق والله أعلم . ( رواه أبو داود ) . ووافقه أحمد في النهي الأخير .




الخدمات العلمية