الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثاني

4795 - عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى قد أنزل في الشعر ما أنزل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم به نضح النبل " . رواه في شرح السنة .

وفي " الاستيعاب " لابن عبد البر ، أنه قال : يا رسول الله ! ماذا ترى في الشعر فقال : " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه " .

التالي السابق


الفصل الثاني

4795 - ( عن كعب بن مالك ) : أنصاري خزرجي ، وكان أحد شعراء النبي - صلى الله عليه وسلم - روى عنه جماعة ، ومات سنة خمسين وهو ابن سبع وسبعين سنة بعد أن عمي ، ذكره المؤلف . وقال ابن عبد البر في الاستيعاب ، عن ابن سيرين قال : كان شعراء المسلمين حسان بن ثابت ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن مالك ، وكان كعب يخوفهم الحرب . قال ابن سيرين : بلغنا أن دوسا إنما أسلمت فرقا من قول كعب بن مالك ، ثم اعلم أنه وقع في بعض النسخ هنا عن أبيه وهو خطأ فاحش . ( أنه قال ) أي : كعب ( للنبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى قد أنزل في الشعر ) أي : في حقه ( ما أنزل ) أي : من الذم فكأنه لما سمع قوله تعالى والشعراء يتبعهم الغاوون ، أنكر على نفسه الشعر . ( فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ، والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم ) : اللام زائدة لتأكيد القسم ، والتقدير والذي نفسي بيده إنما ترمونهم ( به ) أي : بالشعر أو باللسان ( نضح النبل ) : بالنصب أي : نضحا مثل نضح النبل .

[ ص: 3018 ] وقال الطيبي أي : كنضح النبل ؛ لأن أصل كأن زيدا الأسد إن زيدا كالأسد ، فقدم حرف التشبيه اهتماما به ويدل عليه ما في الفصل من قوله : والفصل بينه وبين الأصل أنك هاهنا بان كلامك على التشبيه من أول الأمر ، وثم بعد مضي صدره على الإثبات . وقال القاضي : نضح النبل رميه مستعار من نضح الماء ، والمعنى أن هجاءهم يؤثر فيهم تأثير النبل ، وقام قيام الرمي في النكاية بهم . وقال الطيبي : خلاصة جوابه - صلى الله عليه وسلم - أنه ليس فيه ذم الشعر على الإطلاق ، فإن ذلك في شأن الهائمين في أودية الضلال ، وأما المؤمن فهو خارج من ذلك الحكم ؛ لأنه إحدى عدتيه في ذب الكفار من اللسان والسنان ، بل هو أعدى وأبلى ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " فإنه أشد عليهم من رشق النبل " وإليه ينظر قول الشاعر : جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان

( رواه في شرح السنة ) : قال ميرك : بإسناد الصحيحين : إلا أحمد بن منصور ، فإنه عالم ثبت .

( وفي الاستيعاب لابن عبد البر ، أنه قال : يا رسول الله ! ماذا ترى في الشعر ؟ فقال : " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه ) : قلت : وقد رواه أحمد والطبراني ، عن كعب بن مالك مرفوعا " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه " .




الخدمات العلمية