الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4813 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا ، يرفع الله بها درجات ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا ، يهوي بها في جهنم " رواه البخاري وفي رواية لهما : " يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب " .

التالي السابق


4813 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ) : بكسر أوله ويضم ، ومن بيانية حال من الكلمة أي من كلام فيه رضاه ( لا يلقي ) : بضم الياء وكسر القاف أي لا يري ( لها ) أي : لتلك الكلمة ( بالا ) أي شأنا أو بأسا ( يرفع الله ) أي : له ( بها ) أي : بتلك الكلمة ( درجات ) والمعنى أن العبد لا يعرف قدرها ويظنها هينة قليلة الاعتبار ، وهي عند الله عظيمة الاقتدار ، والجملة مستأنفة بيان للموجب كأن قائلا يقول : ماذا يستحق بعد ؟ قيل له : يرفع الله بها درجات ، وفي بعض النسخ

[ ص: 3026 ] بفتح الياء والقاف ، والمعنى : لا يجد لها عظمة عنده ولا يلتفت عاقبتها عن ربه ، والجملة حال من ضمير يتكلم ، وفي النهاية أي : لا يستمع إليها ولا يجعل قلبه نحوها اهـ . وفيه حث على التدبر والتفكر عند التكلم ، وفي شرح المشارق : أنه بفتحهما ورفع البال ، فالبال على هذا بمعنى الحال ، والظاهر أنه في المصابيح كذلك فإنه قال شارحه زين العرب : أي لا يلحقه بأس وتعب في قولها أولا ، ولا يحضر باله أي : قلبه لما يقوله منها ، أو هو من قولهم : ليس هذا من بالي أو مما أباليه ، والمعنى : أنه يتكلم بكلمة الحق يظنها قليلة وهى عند الله جليلة ، فيحصل له رضوان الله ، وقد يتكلم بسوء ولا يعلم أنه كذلك وهو عند الله ذنب عظيم ، فيحصل له السخط من الله ، وهذا معنى قوله : ( وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ) أي : مما يوجب غضبه ( لا يلقي لها بالا ، يهوي ) : بكسر الواو أي : يخوض ويقع ويسقط ( بها ) أي : بتلك الكلمة ( في جهنم ) رواه البخاري ، وكذا الإمام أحمد . ( وفي رواية لهما ) أي : الشيخين ، ذكره السيد جمال الدين ( يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) . أي هويا أبعد من البعد الذي بينهما . قال الطيبي : الظاهر أنه صفة مصدر محذوف أي : هويا بليغا بعيد المبتدأ والمنتهى . وفي الجامع الصغير : وإن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب . رواه أحمد والشيخان عنه .




الخدمات العلمية