الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4834 - وعن بلال بن الحارث - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من الخير ما يعلم مبلغها يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من الشر ما يعلم مبلغها يكتب الله بها عليه سخطه إلى يوم يلقاه " . رواه " في شرح السنة " . وروى مالك ، والترمذي ، وابن ماجه نحوه .

التالي السابق


4834 - ( وعن بلال بن الحارث ) : قال المؤلف في فصل الصحابة : هو أبو عبد الرحمن المزني سكن بالاستعراء وراء المدينة ، روى عنه ابنه الحارث وعلقمة بن الوقاص ، مات سنة ستين وله ثمانون سنة . ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من الخير ) : من بيانية ( ما يعلم ) أي : الرجل ( مبلغها ) أي : قدر تلك [ ص: 3037 ] الكلمة ومرتبتها عند الله والجملة حال أي : والحال أنه يظن أنها يسيرة قليلة ، وهى عند الله عظيمة جليلة ( يكتب الله ) أي : يثبت ويديم ( له بها رضوانه ) : بكسر الراء ويضم أي : رضاه ، وهو يحتمل أن يكون من باب إضافة المصدر إلى فاعله أو مفعوله ، والأول أظهر لمقابلة القرينة الآتية ( إلى يوم يلقاه ) . بكسر الميم في أكثر النسخ ، وبفتحها في بعضها وبالتنوين في بعضها ، والضمير البارز في يلقاه يحتمل أن يكون إلى اليوم ، والمستتر إلى الرجل ، ويمكن عكسه تجوزا ، ويمكن أن يكون أحد الضميرين إلى الله ، والآخر إلى الرجل فتأمل . ( وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من الشر ما يعلم مبلغها يكتب الله بها عليه سخطه ) أي : غضبه ( إلى يوم يلقاه ) . قال ابن عيينة : هي الكلمة عند السلطان ، فالأولى ليرده بها عن ظلم ، والثانية ليجره بها إلى ظلم ، وقال ابن عبد البر : لا أعلم خلافا في تفسيرها بذلك نقله السيوطي .

قال الطيبي فإن قلت : ما معنى قوله : يكتب الله له بها رضوانه ، وما فائدة التوقيت إلى يوم يلقاه ؟ قلت : معنى كتبه رضوان الله توفيقه لما يرضي الله تعالى من الطاعات والمسارعة إلى الخيرات ، فيعيش في الدنيا حميدا ، وفي البرزخ يصان من عذاب القبر ، ويفسح له قبره ، ويقال له : نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، ويحشر يوم القيامة سعيدا ، ويظله الله تعالى في ظله ، ثم يلقى بعد ذلك من الكرامة والنعيم المقيم في الجنة ، ثم يفوز بلقاء الله ما كل ذلك دونه ، وفي عكسه قوله : يكتب الله بها عليه سخطه ، ونظيره قوله تعالى لإبليس : وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ، ( رواه في شرح السنة ) أي : هذا اللفظ ( وروى مالك ، والترمذي ، وابن ماجه ، نحوه ) أي : بمعناه وفي الجامع الصغير : رواه مالك وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم ، عن بلال بن الحارث مرفوعا ولفظه : " إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله له بها رضوانه يوم القيامة ، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة " وفي الإحياء : وكان علقمة يقول : وكم من كلام منعنيه حديث بلال بن الحارث .




الخدمات العلمية