الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4917 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي " . رواه مسلم .

التالي السابق


4917 - ( وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إن من أبر البر ) أي : أفضله بالنسبة إلى والده ، وكذا الوالدة أو هي بالأولى ( صلة الرجل أهل ود أبيه ) : بضم الواو أي : أصحاب مودته ومحبته ، وفي القاموس الود : الحب والمحب ويثلث . اهـ . وإرادة المعنى الثاني أبلغ هنا كما لا يخفى . ( بعد أن يولي ) : بتشديد اللام المكسورة أي : يدبر ويغيب بسفر أو موت ، وهو الأظهر لكونه أبعد من الرياء والسمعة ، فيكون أخلص فأجره أكثر ، ولما روى أبو يعلى في مسنده وابن حبان في صحيحه : من أحب أن يصل أباه في قبره ، فليصل إخوان أبيه من بعده . قال التوربشتي : هذه الكلمة مما يتخبط الناس فيها ، والذي أعرفه هو أن الفعل مسند إلى أبيه أي : بعد أن يغيب أبوه أو يموت من ولى يولي ، ويؤيده حديث أبي أسيد الساعدي يعني : الآتي إنفاذ عهدهما من بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما . قال الطيبي : وهكذا صحح في جامع الأصول ومشارق الأنوار أن يولى بضم الياء وفتح الواو وكسر اللام المشددة . قلت : ولعل الخبط جاء من قبيل

[ ص: 3084 ] الضبط بأن ضبط ( يولي ) مجهولا أو معلوما من التولي ، أو من قبل الإسناد ; حيث أسند إلى أهل ود أبيه ، والله أعلم . ثم المعنى : أن من جملة المبرات الفضلى مبرة الرجل من أحباء أبيه ، فإن مودة الآباء قرابة الأبناء ، وخلاصته أنه إذا غاب الأب أو مات يحفظ أهل وده ويحسن إليهم ، فإنه من تمام الإحسان إلى الأب ، وإنما كان أبر ; لأنه إذا حفظ غيبته فهو يحفظ حضوره أولى ، وإذا راعى أهل وده فكان مراعاة أهل رحمه أحرى . ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية