الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ ص: 137 ] الموقوف .


101 - وسم بالموقوف ما قصرته بصاحب وصلت أو قطعته      102 - وبعض أهل الفقه سماه الأثر
وإن تقف بغيره ، قيد تبر

.

وقدم على ما بعده لاختصاصه بالصحابي ، [ وفيه للضياء أبي حفص عمر بن بدر بن سعيد الكردي الموصلي الحنفي الفقيه الوقوف على الموقوف ] ( وسم ) أيها الطالب ( بالموقوف ما قصرته بصاحب ) أي : على صحابي قولا له أو فعلا أو نحوهما ، مما لا قرينة فيه للرفع ; سواء ( وصلت ) السند بذلك ( أو قطعته ) .

وشذ الحاكم ; فاشترط عدم الانقطاع ، واختلف فيه هل يسمى خبرا أم لا ؟ فمقتضى القول المرجوح بعدم مرادفة الخبر للحديث ، وأن الخبر ما جاء عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - الأول .

( وبعض أهل الفقه ) من الشافعية ( سماه الأثر ) ، بل حكاه أبو القاسم الفوراني من الخراسانيين عن الفقهاء ، وأطلق فإنه قال : الفقهاء يقولون : الخبر ما كان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والأثر ما يروى عن الصحابة . انتهى .

وظاهر تسمية البيهقي كتابه المشتمل عليهما بـ " معرفة السنن والآثار " معهم ، وكأن سلفهم فيه إمامهم ، فقد وجد ذلك في كلامهم كثيرا ، واستحسنه بعض المتأخرين ، قال : لأن التفاوت في المراتب يقتضي التفاوت في المترتب عليها ، فيقال لما نسب لصاحب الشرع : الخبر ، وللصحابة : الأثر ، وللعلماء : القول ، والمذهب .

ولكن المحدثون - كما عزاه إليهم النووي في كتابيه - يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف .

[ ص: 138 ] وظاهر تسمية الطحاوي لكتابه المشتمل عليهما " شرح معاني الآثار " معهم ، وكذا أبو جعفر الطبري في " تهذيب الآثار " له ، إلا أن كتابه اقتصر فيه على المرفوع ، وما يورده فيه من الموقوف فبطريق التبعية ، بل في الجامع للخطيب من حديث عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي عن صالح بن بيان عن أسد بن سعيد الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعا : ما جاء عن الله فهو فريضة ، وما جاء عني فهو حتم وفريضة ، وما جاء عن أصحابي فهو سنة ، وما جاء عن أتباعهم فهو أثر ، وما جاء عمن دونهم فهو بدعة .

قال شيخنا : ( وينظر في سنده ، فإنني أظن أنه باطل ) . قلت : بل لا يخفى بطلانه على آحاد أتباعه ; فالفاريابي رمي بالوضع ، وفي ترجمته أورده الذهبي في الميزان ، واللذان فوقه قال المستغفري في كل منهما : يروي العجائب ، وينفرد بالمناكير .

وأصل الأثر : ما ظهر من مشي الشخص على الأرض .

قال زهير :


والمرء ما عاش ممدود له أثر     لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر



ثم إنه لا اختصاص في الموقوف بالصحابي ، بل ولو أضيف المروي للتابعي ، وكذا لمن بعده - كما اقتضاه كلام ابن الصلاح - ساغ تسميته موقوفا .

( و ) لكن ( إن تقف بغيره ) أي : على غير الصحابي ، وفي بعض النسخ بتابع ، والأولى أشمل فـ ( قيد ) ذلك بقوله : موقوف على فلان ( تبر ) أي : يزك عملك ولا ينكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية