الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
[ قلب السند سهوا وأمثلته ] : والقسم الثاني ( قلب ما لم يقصد الرواة ) قلبه ، بل وقع القلب فيه على سبيل السهو والوهم ، وله أمثلة ( نحو ) حديث : ( إذا أقيمت الصلاة ) فلا تقوموا حتى تروني .

فإنه ( حدثه ) أي : الحديث ( في مجلس ) أبي محمد ثابت بن أسلم البصري ( البناني ) بضم أوله نسبة لمحلة بالبصرة عرف ببنانة بن سعد بن لؤي ( حجاج أعني ) بالنقل والتنوين ( ابن أبي عثمان ) بالصرف ، هو الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

[ ص: 342 ] ( فظنه ) أي الحديث ( عن ثابت ) أبو النضر ( جرير ) بن حازم ، ورواه جرير بمقتضى هذا الظن ، عن ثابت البناني ، عن أنس ، كما ( بينه حماد ) وهو ابن زيد ( الضرير ) فيما وصفه به ابن منجويه وابن حبان ، وهو مما طرأ عليه ، لما حكاه ابن أبي خيثمة أن إنسانا سأل عبيد الله بن عمر : أكان حماد أميا ؟ فقال : أنا رأيته في يوم مطير وهو يكتب ، ثم ينفخ فيه ليجف .

والراوي عن حماد لما نبه عليه من غلط جرير إسحاق بن عيسى بن الطباع ، كما رواه أحمد في العلل عنه ، وكما عند الخطيب في الكفاية ، والبيهقي في المدخل ، ويحيى بن حسان كما عند أبي داود في المراسيل كلاهما ، واللفظ لأولهما .

عن حماد قال : كنت أنا وجرير عند ثابت فحدث حجاج عن يحيى بن أبي كثير نعني بهذا الحديث بسنده المتقدم ، فظن جرير أنه فيما حدث به ثابت عن أنس ، يعني وليس كذلك .

وكذا قال البخاري فيما حكاه عنه الترمذي في باب ما جاء في الكلام بعد نزول الإمام من المنبر في كتاب الجمعة من ( جامعه ) ، ويروى عن حماد بن زيد ، قال : كنا عند ثابت فحدث حجاج الصواف ، وذكره .

[ ص: 343 ] وكذا من أمثلته حديث النهي عن كل ذي خطفة ، وعن كل ذي نهبة ، وعن كل ذي ناب ، رواه أبو أيوب الإفريقي ، عن صفوان بن سليم ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي الدرداء ، ولم يسمعه سعيد من أبي الدرداء ، وإنما حدث به رجل في مجلس سعيد ، عن أبي الدرداء ، فسمعه أصحاب سعيد منه .

قال سهيل بن أبي صالح : حدثنا عبد الله بن يزيد بن المنبعث ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن الضبع ، فقال شيخ عنده : ثنا أبو الدرداء فذكره .

قال الدارقطني : وهذا أشبه بالصواب ، ونحوه أن ابن عجلان روى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رفعه : الدين النصيحة .

فقد قال محمد بن نصر المروزي : إنه غلط ، وإنما حدث أبو صالح عن أبي هريرة بحديث : إن الله يرضى لكم ثلاثا وكان عطاء بن يزيد حاضرا ، فحدثهم عن تميم الداري بحديث : إن الدين النصيحة ، فسمعهما سهيل منهما ، والحاصل أنه دخل عليه حديث في حديث .

[ ص: 344 ] ومن هذا القسم ما يقع الغلط فيه بالتقديم في الأسماء والتأخير ; كمرة بن كعب فيجعله كعب بن مرة ، ومسلم بن الوليد فيجعله الوليد بن مسلم ، ونحو ذلك مما أوجبه كون اسم أحدهما اسم أبي الآخر ، وقد صنف كل من الخطيب وشيخنا في هذا القسم خاصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية