[ ص: 390 ] 42 - قالوا حديث يكذبه النظر
أكل الضب
قالوا : رويتم عن عن عبد الله بن نمير ، عبيد الله ، عن نافع ، عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عمر ، . أنه قال في الضب : لا آكله ولا أنهى عنه ، ولا أحله ولا أحرمه
وقالوا : إذا كان هو - عليه السلام - لا يأكل ولا ينهى ولا يحلل ولا يحرم ، فإلى من المفزع في التحليل والتحريم ؟ والأعراب تأكل الضباب وتعجب بها ، قال أبو وائل : ضبة مكون أحب إلي من دجاجة سمينة .
[ ص: 391 ] وقد أكله معه ، وأكله خالد بن الوليد عمر ، ولا يجوز أن يكون هؤلاء أقدموا على الشبهة .
قال أبو محمد : ونحن نقول : إن هذا الحديث قد وقع فيه سهو من بعض النقلة ، وكان لا آكله ولا أنهى عنه حسب .
فظن أنه لا يحله ولا يحرمه كما أنه لا يأكله ولا ينهى عنه ، وبين الأمرين فرق ؛ لأنه لم يتركه من جهة التحريم ، وإنما تركه لأنه عافه ، وكذلك عمر - رضي الله عنه - حين أتي بضب فوضع يده في كشيته وقال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرمه ، ولكنه قذره . قال :
ويوضح لك هذا أيضا أن روى عن وهب بن جرير شعبة ، عن توبة العنبري ، عن عن الشعبي ، قال : ابن عمر سعد بن مالك ، فنادتهم امرأة من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إنه ضب ، فأمسكوا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : كلوا فإنه حلال لا بأس به ، ولكنه ليس من طعام قومي . كان ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكلون شيئا وفيهم
وهذا الحديث يدل على غلط الناقل عن لأنه لا يجوز أن يروي الحديثين جميعا وهما متنافيان ، وأما تركه أكله وهو حلال عنده فليس كل الحلال تطيب النفوس به ولا يحسن بالمرء أن يفعله ، فقد أحل الله تعالى لنا الشاء ولم يحرم علينا منها إلا الدم المسفوح ، [ ص: 392 ] ابن عمر ؛ وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكره منها المثانة والغدة والمصران والأنثيين والطحال .
وقد روي في الخبر ، والنفوس لا تطيب بأكله . ذكاة الجنين ذكاة أمه
ومن المحرم شيء لم ينزل بتحريمه تنزيل ولا سنة ، وكل الناس فيه إلى فطرهم وما جبلوا عليه ، كلحم الإنسان ، ولحم القرد ، ولحوم الحيات ، والأبارص ، والعظاء ، والفأر ، وأشباه ذلك ، وليس من هذا شيء إلا والنفوس تعافه ، وقد أعلمنا الله - تبارك وتعالى - في كتابه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرم علينا الخبائث ، وهذه كلها خبيثة في الفطر ، وأما ما لا يحسن بالمرء أن يفعله من الحلال ، فعدو الكهل في الطريق من غير أن يحفزه أمر ، والخصومة في مهر الأم ، وإلقاء الرداء عن المنكبين ، وغزل القطن على الطريق ، والتحلي بالشيء من حلي المرأة ، والأكل في الأسواق .
قال أبو محمد : حدثني أبو الخطاب قال : حدثنا أبو عتاب ، عن محمد بن الفرات ، عن سعيد بن لقمان ، عن عبد الرحمن الأنصاري ، عن قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أبي هريرة الأكل في السوق دناءة ، وفي بعض الحديث : إن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفسافها .