ويجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يذكر في كتاب ذكر فيه ، فكيف في ورقة أو بعد سطر وسطرين ؟ .
[ ص: 112 ] ويعمل كتابا ، يذكر فيه حجج النصارى على المسلمين . فإذا صار إلى الرد عليهم تجوز في الحجة ، كأنه إنما أراد تنبيههم على ما لا يعرفون ، وتشكيك الضعفة من المسلمين .
وتجده يقصد في كتبه المضاحيك والعبث ، يريد بذلك استمالة الأحداث وشراب النبيذ .
ويستهزئ من الحديث استهزاء لا يخفى على أهل العلم ، كذكره كبد الحوت وقرن الشيطان وذكر الحجر الأسود ، وأنه كان أبيض فسوده المشركون ، وقد كان يجب أن يبيضه المسلمون حين أسلموا ، ويذكر الصحيفة - التي كان فيها المنزل في الرضاع - تحت سرير عائشة فأكلتها الشاة .
وأشياء من أحاديث أهل الكتاب ، في تنادم الديك والغراب ، ودفن الهدهد أمه في رأسه ، وتسبيح الضفدع وطوق الحمامة ، وأشباه هذا مما سنذكره فيما بعد إن شاء الله .
وهو مع هذا من أكذب الأمة وأوضعهم لحديث وأنصرهم لباطل ، ومن علم - رحمك الله - أن كلامه من عمله قل إلا فيما ينفعه ، ومن أيقن أنه مسئول عما ألف وعما كتب ، لم يعمل الشيء وضده ولم يستفرغ مجهوده في تثبيت الباطل عنده ، وأنشدني : الرياشي
ولا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه .