( 164 ) حدثنا عبد الرحمن بن خلاد الدورقي ، ثنا سعدان بن [ ص: 125 ] زكريا الدورقي ، قال : ثنا إسماعيل بن يحيى بن عبد الله التيمي ، عن ، عن ابن أبي ذئب نافع ، عن ، قال : ابن عمر بني المصطلق أقرع بينهن فأصابت القرعة عائشة ، فأخرج بهما معه ، فلما كانوا في بعض الطريق مال رحل وأم سلمة فأناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها ، وكانت أم سلمة عائشة تريد قضاء حاجة ، فلما أنزلوا إبلهم ، قالت عائشة : فقلت في نفسي إلى ما يصلحوا رحل أقضي حاجتي ، قالت : فنزلت من الهودج فأخذت ماء في السطل ولم يعلموا بنزولي فأتيت خربة وانقطعت قلادتي ، فاحتبست في رجعها ونظامها ، وبعث القوم إبلهم ومضوا ، وظنوا أني في الهودج لم أنزل ، قالت أم سلمة عائشة : فرجعت ولم أر أحدا ، قالت : فاتبعتهم حتى أعييت فقلت في نفسي : إن القوم سيفقدوني ويرجعون في طلبي ، قالت : فقمت على بعض الطريق ، فمر بي ، وكان رفيق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعله على الساقة فجعله ، فكان إذا رحل الناس أقام يصلي ثم اتبعهم ، فما سقط منهم من شيء حمله حتى يأتي به أصحابه ، قالت صفوان بن المعطل السلمي عائشة : فلما مر بي ظن أني رجل ، فقال : يا نومان قم فإن الناس قد مضوا ، قالت : فقلت : إني لست رجلا أنا عائشة ، فقال : إن لله وإنا إليه راجعون ، ثم أناخ بعيره فعقل يديه ثم ولى عني ، فقال : يا أمة قومي فاركبي ، فإذا ركبت فآذنيني ، قالت : فركبت فجاء حتى حل العقال ، ثم بعث حمله فأخذ بخطام الجمل ، فقال : فما كلمها كلاما حتى أتى بها رسول الله ، فقال ابن عمر عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق فجر بها ورب الكعبة ، [ ص: 126 ] وأعانه على ذلك حسان بن ثابت الأنصاري ، ومسطح بن أثاثة وحمنة ، وشاع ذلك في العسكر ، وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان في قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - مما قالوا ، حتى رجعوا إلى المدينة ، وأشاع عبد الله بن أبي بن سلول هذا الحديث في المدينة ، واشتد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالت عائشة : فدخلت ذات يوم أم مسطح فرأتني وأنا أريد المذهب فحملت معي السطل وفيه ماء ، فوقع السطل منها ، فقالت : تعس مسطح ، قالت لها عائشة : سبحان الله ، تتعسين رجلا من أهل بدر وهو ابنك ؟ ، قالت لها أم مسطح : إنه سال بك السيل وأنت لا تدرين ، وأخبرتها الخبر ، قالت : فلما أخبرتني أخذتني الحمى وتقلص ما كان بي ولم أبعد المذهب ، قالت عائشة : وقد كنت أرى من النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك جفوة ، ولم أدر من أي شيء هي ؟ ، فلما حدثتني أم مسطح فعلمت أن جفوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت لما أخبرتني أم مسطح ، قالت عائشة : فقلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله أتأذن لي أن أذهب إلى أهلي ؟ ، قال : " اذهبي " ، فخرجت عائشة حتى أتت أباها أبا بكر ، قال لها أبو بكر : ما لك ؟ ، قالت : أخرجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بيته ، قال لها أبو بكر : فأخرجك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآويك أنا والله لا آويك حتى يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يؤويها ، فقال لها أبو بكر : والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط ، فكيف وقد أعزنا الله بالإسلام ؟ ، فبكت عائشة وأمها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن ، وبكى معهم أهل الدار ، وبلغ ذاك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، فقال : " " ، فقام [ ص: 127 ] إليه أيها الناس من يعذرني ممن يؤذيني ؟ فسل سيفه ، فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه ، إن يك من سعد بن معاذ الأوس أتيتك برأسه ، وإن يك من الخزرج أمرتنا بأمرك فيه ، فقام ، فقال : كذبت ، والله ما تقدر على قتله إنما طلبتنا بدخول كانت بيننا وبينكم في الجاهلية ، فقال هذا : يا سعد بن عبادة للأوس ، وقال هذا : يا للخزرج ، فاضطربوا بالنعال والحجارة وتلاطموا ، فقام ، فقال : فيم الكلام ؟ هذا رسول الله يأمرنا بأمره فسفد عن رغم أنف من رغم ، ونزل أسيد بن حضير جبريل - عليه السلام - وهو على المنبر ، فصعد إليه فاحتضنه ، فلما سري عنه أومأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس جميعا ، ثم تلا عليهم ما نزل به أبو عبيدة بن الجراح جبريل عليه السلام ، فنزل وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي بالسيف إلى آخر الآيات ، فصاح الناس : رضينا يا رسول الله بما أنزل الله من القرآن ، فقام بعضهم إلى بعض فتلازموا وتصالحوا ، ونزل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المنبر ، وانتظر الوحي في عائشة ، وبعث إلى علي وأسامة ، وكان إذا أراد أن يستشير امرأ لم يعد وبريرة عليا وأسامة بعد موت أبيه زيد ، فقال لعلي : " ما تقول في عائشة ؟ فقد أهمني ما قال الناس فيها " ، فقال له : يا رسول الله قد قال الناس وقد حل لك طلاقها ، وقال لأسامة : " ما تقول أنت ؟ " ، قال : سبحان الله ما يحل لنا أن نتكلم بهذا ، سبحانك هذا بهتان عظيم ، فقال : " ما تقولين يا لبريرة ؟ " ، قالت : والله يا رسول الله ما علمت على أهلك إلا خيرا ، إلا أنها امرأة نؤوم ، تنام حتى تجيء الداجن فتأكل عجينها ، وإن كان شيء من هذا ليخبرنك الله ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى منزل بريرة أبي بكر ، فدخل عليها ، فقال لها : [ ص: 128 ] " يا عائشة إن كنت فعلت هذا الأمر فقولي حتى استغفر الله لك " ، قالت : والله لا أستغفر الله منه أبدا ، إن كنت فعلته فلا غفر الله لي ، وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف - وذهب اسم يعقوب من الأسف - ، إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ، فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكلمها إذ نزل جبريل عليه السلام بالوحي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذت النبي - صلى الله عليه وسلم - نعسة ، فقال أبو بكر لعائشة : قومي فاحتضني رسول الله ، فقالت : لا والله لا أدنو منه ، فقام أبو بكر ، فاحتضن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسري عنه وهو يبتسم ، فقال : " عائشة قد أنزل الله عذرك " ، قالت : بحمد الله لا بحمدك ، فتلا عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة النور إلى الموضع الذي انتهى خبرها وعذرها وبراءتها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قومي إلى البيت " ، فقامت وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد فدعا فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله - عز وجل - من البراءة أبا عبيدة بن الجراح لعائشة ، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعث إلى عبد الله بن أبي المنافق ، فجيء به فضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - حدين ، وبعث إلى حسان بن ثابت ، ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش فضربوا ضربا وجيعا ووجئ في رقابهم ، قال : إنما ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن عمر عبد الله بن أبي حدين ، لأنه من قذف أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعليه حدان ، فبعث أبو بكر إلى ، فقال : أخبرني عنك وأنت ابن خالتي ما حملك على ما قلت في مسطح بن أثاثة عائشة ؟ ، أما حسان فرجل من الأنصار ليس من قومي ، وأما حمنة فامرأة ضعيفة لا عقل لها ، وأما عبد الله بن أبي فمنافق ، وأنت في عيالي منذ مات أبوك وأنت ابن أربع حجج ، أنفق عليك وأكسوك [ ص: 129 ] حتى بلغت ، ما قطعت عنك نفقة إلى يومي هذا ، والله إنك لرجل لا وصلتك بدرهم أبدا ولا عطفت عليك بخير أبدا ، ثم طرده أبو بكر وأخرجه من منزله ، فنزل القرآن ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة الآية ، فلما قال : ألا تحبون أن يغفر الله لكم بكى أبو بكر فقال : أما إذ نزل القرآن بأمري فيك لأضاعفن لك النفقة وقد غفرت لك ، فإن الله أمرني أن أغفر لك ، وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل القرآن الخبيثات - يعني : امرأة عبد الله - للخبيثين ، - يعني : عبد الله - والخبيثون للخبيثات - يعني : عبد الله لامرأته - والطيبات للطيبين - يعني : عائشة ، وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - - ، والطيبون - يعني : النبي - صلى الله عليه وسلم - - ، للطيبات - يعني : لعائشة ، وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - - أولئك مبرءون مما يقولون إلى آخر الآيات . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه أثلاثا ، فمن أصابته القرعة أخرج بهن معه ، فكن يخرجن يسقين الماء ويداوين الجرحى ، فلما غزا