أتيناك والعذراء يدمي لبانها وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وألقى بكفيه الفتى استكانة
عن الجوع ضعفا ما يمر وما يحلي ولا شيء مما يأكل الناس عندنا
سوى الحنظل العاجي والعلهز الفسل وليس لنا إلا إليك فرارنا
وأين فرار الناس إلا إلى الرسل
فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجر رداءه حتى صعد المنبر ثم رفع يديه إلى السماء فقال : " عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار ، تملأ به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي الأرض بعد موتها " . اللهم اسقنا غيثا مغيثا ، مريئا ، مريعا ، غدقا ، طبقا ، وجاء أهل البطاح يصيحون : يا رسول الله ، الغرق الغرق ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اللهم حوالينا ولا علينا " . فانجاب السحاب حتى أحدق فوالله ما رد يديه إلى نحره حتى ألقت السماء بأورامها بالمدينة كالإكليل ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه ، ثم قال : " أبو طالب لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله ؟ " فقام ، فقال : يا رسول الله كأنك أردت قوله : علي بن أبي طالب
[ ص: 245 ]
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة وفواضل
كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نقاتل دونه ونناضل
ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل
لك الحمد والحمد ممن شكر سقينا بوجه النبي المطر
دعى الله خالقه دعوة إليه وأشخص منه البصر
ولم يك إلا كلف الرداء وأسرع حتى رأينا المطر ( الدرر )
وفاق العوالي وعم البقاع أغاث به الله عليا مضر
وكان كما قاله عمه أبو طالب أبيض ذو غرر
به الله يسقيك صوب الغمام وهذا العيان لذاك الخبر
فمن يشكر الله يلق المزيد ومن يكفر الله يلق الغير
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن يك شاعرا يحسن فقد أحسنت " . جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، لقد أتيناك وما لنا بعير ينط ، ولا صبي يصط يعط ، ثم أنشد :