- حدثنا قال : سمعت علي بن عبد العزيز يقول : قوله " فخما مفخما " الفخامة في الوجه نبله وامتلاؤه مع الجمال والبهاء ، والمربوع : الذي بين الطويل والقصير ، المشذب : المفرط في الطول وكذلك في كل شيء ، قال أبا عبيد القاسم بن سلام جرير :
ألوى بها شذب العروق مشذب فكأنما وكنت على طربال
وقوله : " رجل الشعر " الرجل : الذي ليس بالسبط الذي لا تكسر فيه ، القطط : الشديد الجعودة ، يقول : فهو جعد بين هذين . والعقيصة : الشعر المعقوص وهو نحو من المضفور ، ومنه قول عمر : " من لبد ، أو عقص ، أو ضفر ، فعليه الحلق " . وقوله : " أزج الحواجب ، سوابغ " : الزجج في الحواجب أن يكون فيها تقوس مع طول في أطرافها ، وهو السبوغ فيها ، قال جميل بن معمر :
إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
وقوله : " في غير قرن " ، والقرن : التقاء الحاجبين حتى يتصلا ، يقول : فليس هو كذلك ، ولكن بينهما فرجة ، يقال للرجل إذا كان كذلك : أبلج ، وذكر أن العرب تستحسن هذا . وقوله : " بينهما عرق يدره الغضب " يقول : إذا غضب در العرق الذي بين الحاجبين ، ودروره غلظه ونتوؤه وامتلاؤه . الأصمعي
[ ص: 251 ] وقوله : " أقنى العرنين " ، يعني : الأنف ، والقنا أن يكون فيه دقة مع ارتفاع في قصبته ، يقول منه : رجل أقنى ، وامرأة قنواء ، والأشم : أن يكون الأنف دقيقا لا قنا فيه . وقوله : " كث اللحية " الكثوثة : أن تكون اللحية غير دقيقة ولا طويلة ، ولكن فيها كثافة من غير عظم ولا طول . وقوله : " ضليع الفم " ، أحسبه يعني حلة في الشفتين . وقوله : " أشنب " ، الأشنب : الذي يكون في أسنانه رقة وتحدد ، ويقال منه : رجل أشنب ، وامرأة شنباء ، ومنه قول : ذي الرمة
لمياء في شفتيها حوة لعس وفي اللثاث وفي أنيابها شنب
" والمفلج " : هو الذي في أسنانه تفرق . " والمسربة " : الشعر الذي بين اللبة والسرة ، شعر يجري كالخط ، قال الشاعر الأعشى :
الآن لما ابيضت مسربتي وعضضت من نابي على جذم
وقوله : " جيد دمية " ، الجيد : العنق ، والدمية : الصورة . وقوله : " ضخم الكراديس " ، اختلف الناس في الكراديس ، فقال بعضهم : هي العظام ، ومعناه أنه عظيم الألواح ، وبعضهم يجعل الكراديس رءوس العظام ، والكراديس في غير هذا : الكتائب في الحروب . " والزندان " : هما العظمان اللذان في الساعدين المتصلان بالكفين ، وصفه بطول الذراع . " سبط القصب " القصب : كل عظم ذي مخ مثل الساقين ، والساعدين ، والذراعين ، وسبوطهما : امتدادهما ، يصفه بطول العظام . قال : ذو الرمة
[ ص: 252 ]
جواعل في البرى قصبا خدالا
أراد بالبرى : الأسورة والخلاخل .
وقوله : " شثن الكفين والقدمين " ، يريد أن فيهما بعض الغلظ . والأخمص من القدم : في باطنها ما بين صدرها وعقبها ، وهو الذي لا يلصق بالأرض من القدمين في الوطء ، قال الأعشى يصف امرأة بإبطائها في المشي :
كأن أخمصها بالشوك منتعل
وقوله : " خمصان " : يعني يريد أن ارتفاع ذلك الموضع من قدميه فيه تجاف عن الأرض ، وهو مأخوذ من خموصة البطن ، وهي ضمرة ، يقال منه : رجل خمصان ، وامرأة خمصانة .
وقوله : " مسيح القدمين " : يعني أنهما ملساوان ليس بظهورهما تكسر ؛ ولهذا قال : ينبو عنهما الماء يعني أنه لا ثبات للماء عليهما .
وقوله " إذا خطا تكفيا " ، يعني التمايل ، أخذه من تكفي السفن . وقوله : " ذريع المشية " : يقول : يعني واسع الخطا . وقوله : " كأنما انحط من صبب " : أراه يريد أنه مقبل على ما بين يديه ، غاض بصره لا يرفعه إلى السماء ، وكذلك يكون المنحط ، ثم فسره فقال : " خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء " .
وقوله : " إذا التفت التفت جميعا " : يريد أنه لا يلوي عنقه دون جسده ، فإن في هذا بعض الخفة والطيش . وقوله : " دمث " ، هو اللين والسهل ، ومنه قيل للرجل : دمث ، ومنه حديث " أنه كان إذا أراد أن يبول فمال إلى دمث " .
[ ص: 253 ] وقوله : " إذا غضب أعرض وأشاح " ، الإشاح : الحد ، وقد يكون الحذر . وقوله : " ويفتر عن مثل حب الغمام " ، الافترار : أن تكشر الأسنان ضاحكا من غير قهقهة ، وحب الغمام : البرد ، شبه به بياض أسنانه ، قال جرير :
يجري السواك على أغر كأنه برد تحدر من متون غمام
وقوله : " يدخلون روادا " ، الرواد : الطالبون ، واحدهم رائد ، ومنه قولهم : الرائد لا يكذب أهله .
وقوله : " لكل حال عنده عتاد " ، يعني عدة قد أعد له . وقوله : " لا يوطن الأماكن " : أي لا يجعلها لنفسه موضعا يعرف ، إنما يجلس حيث يمكنه في الموضع الذي يكون فيه حاجته ، ثم فسره فقال : " يجلس حيث ينتهي به المجلس " ، ومنه حديثه - صلى الله عليه وسلم - : " " . وقوله في مجلسه : " لا تؤبن فيه الحرم " ، يقول : لا يوصف فيه النساء ، ومنه حديثه - صلى الله عليه وسلم - : " أنه نهى أن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير " . أنه نهى عن الشعر إذا أبنت فيه النساء
وقال أبو عبيد ، حدثنا أبو إسماعيل المؤدب ، عن مجالد ، عن قال : كان رجال في المسجد يتناشدون الشعر ، فأقبل الشعبي ابن الزبير فقال : " رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ليس بك بأس يا ابن الزبير إن لم تفسد نفسك ، إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الشعر إذا أبنت فيه النساء ، أو تروزئت فيه الأموال " ، وقوله : " لا تنثى فلتاته " ، الفلتات : السقطات لا يتحدث بها ، يقال منه : [ ص: 254 ] نثوت أنثو ، والاسم منه النثاء ، وهذه الهاء التي في فلتاته راجعة إلى المجلس ، ألا ترى أن صدر الكلام أنه سأل عن مجلسه ، ويقال أيضا أنها لم يكن لمجلسه فلتات يحتاج أحد أن يحكيها ، فلتاته : يريد فلتات المجلس ، لا يتحدث بها بعضهم عن بعض . أفي حرم الله وعند بيت الله تتناشدون الشعر ؟ " فقال