حديث الغار
41 - حدثنا ، ثنا الحسين بن إسحاق التستري ، ثنا علي بن بحر إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني ، حدثني عبد الصمد بن معقل قال : سمعت يقول : حدثني وهب بن منبه ، النعمان بن بشير الأنصاري فقال قائل منهم : تذكروا أيكم عمل حسنة لعل الله - عز وجل - برحمته يرحمنا . فقال رجل منهم : قد عملت حسنة مرة ، كان لي أجراء يعملون عملا لي ، فاستأجرت كل رجل منهم بأجر معلوم ، فجاءني رجل ذات يوم وسط النهار ، واستأجرته بشرط أصحابه ، فعمل في بقية نهاره كما عمل رجل منهم في نهاره كله ، فرأيت في الزمام أن لا أنقصه كما استأجرت به أصحابه لما جهد في عمله ، فقال رجل منهم : أعطيت هذا مثل ما أعطيتني ولم يعمل إلا نصف النهار ، قلت : يا عبد الله ، لم أبخسك شيئا من شرطك ، وإنما هو مالي أحكم فيه بما شئت ، فغضب وذهب وترك أجره ، فوضعت حقه في جانب البيت ما شاء الله ، ثم مرت بي بعد ذلك بقر فاشتريت به فصيلة من البقر ، فبلغت ما شاء الله ، فمر بي بعد حين شيخ ضعيف لا أعرفه ، فقال : إن لي عندك حقا ، فذكره حتى عرفته ، فقلت : إياك أبغي ، هذا حقك ، فعرضتها عليه جميعا ، فقال : يا عبد الله ، لا تسخر بي ، إن لم تصدق علي فأعطني حقي ، قلت : والله لا أسخر منك ، إنها حقك ، ما لي فيها شيء ، فدفعتها إليه جميعا ، اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا ، فانصدع الجبل حتى رأوا الضوء وأبصروا . إن ثلاثة نفر كانوا في [ ص: 285 ] كهف ، فوقع الجبل على باب الكهف فأوصده عليهم ،
وقال الآخر : قد عملت حسنة مرة ، كان لي فضل فأصاب الناس شدة ، فجاءتني امرأة تطلب مني معروفا ، فقلت : والله ما هو مني دون نفسك ، فأبت علي ، فذهبت ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها ، وقلت لها : لا والله ، ما هو دون نفسك ، فأبت علي فذهبت ثم رجعت وذكرت لزوجها ، فقال لها : أعطيه نفسك وأغني عيالك ، فرجعت إلي فناشدتني بالله فأبيت عليها ، وقلت : والله ما هو دون نفسك ، [ ص: 286 ] فلما رأت ذلك أسلمت إلي نفسها ، فلما كشفتها أرعدت من تحتي ، فقلت لها : ما شأنك ؟ فقالت : أخاف الله رب العالمين ، فقلت لها : خفتيه في الشدة ولم أخفه في الرخاء ، فتركتها وأعطيتها بالحق على ما كشفتها ، اللهم إن كنت تعلم أني كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا ، قال : فانصدع الجبل حتى عرفوا وتبين لهم .
وقال الآخر : قد عملت حسنة مرة ، كان لي أبوان شيخان كبيران ، وكانت لي غنم ، فكنت أطعم أبوي وأسقيهما وأشبعهما ثم أرجع إلى غنمي ، فأصابني يوما غيث فحبسني ، فلم أرجع حتى أمسيت ، فأتيت أهلي فأخذت محلبي فحلبت وغنمي قائمة ، فمضيت إلى أبوي فوجدتهما قد ناما ، فشق علي أن أوقظهما وشق علي أن أترك غنمي ، فما برحت جالسا ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما ، اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا " . قال النعمان : لكأني أسمع هذه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " قال الجبل : طاق ، ففرج الله - عز وجل - عنهم فخرجوا " . أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الرقيم فقال : "