13894 وعن سعيد بن أبي راشد قال : التنوخي رسول هرقل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحمص وكان جارا لي ، شيخا كبيرا قد بلغ الفناء أو قرب ، فقلت : ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل ؟ قال : بلى ، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبوك وبعث إلى [ ص: 235 ] دحية الكلبي هرقل ، الروم وبطارقتها ، ثم غلق عليه وعليهم الدار ، قال : نزل هذا الرجل حيث رأيتم ، وقد أرسل إلي يدعوني إلى ثلاث خصال : يدعوني أن أتبعه على دينه ، أو أن نعطيه ما لنا على أرضنا والأرض أرضنا ، أو نلقي إليه الحرب ، والله لقد عرفتم فيما تقرءون من الكتب لتأخذن ما تحت قدمي ، فهلم نتبعه على دينه أو نعطيه ما لنا على أرضنا ، فنخروا نخرة رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم ، وقالوا : تدعونا إلى أن نذر النصرانية أو نكون عبيدا لأعرابي جاء من فلما أن جاء كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا قسيسي الحجاز ؟ فلما ظن أنهم إن خرجوا [ من عنده ] أفسدوا عليه رفاقهم وملكه ، قال : إنما قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم ، ثم دعا رجلا من عرب تجيب كان على نصارى العرب ، قال : ادع لي رجلا حافظا للحديث عربي اللسان ، أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه ، فجاءني ، فدفع إلي هرقل كتابا ، فقال : اذهب بكتابي إلى هذا الرجل ، فما صغيت من حديثه فاحفظ منه ثلاث خصال : انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء ؟ وانظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل ؟ وانظر في ظهره هل به شيء يريبك ؟ فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك ، فإذا هو جالس بين أصحابه محتبيا على الماء ، فقلت : أين صاحبكم ؟ قيل : ها هو ذا ، فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه ، فناولته كتابي فوضعه في حجره ثم قال : " ممن أنت ؟ " ، قلت : أنا أحد تنوخ ، فقال : " هل لك في الحنيفية ملة أبيكم إبراهيم ؟ " ، قلت : إني رسول قوم ، وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم ، [ فضحك و ] قال : " ( إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين ) يا أخا تنوخ ، إني كتبت بكتاب [ إلى كسرى فمزقه ، والله ممزقه ، وممزق ملكه ، وكتبت ] إلى فخرقها ، والله مخرقه ومخرق ملكه ، وكتبت إلى صاحبكم بصحيفة فأمسكها ، فلن يزال الناس يجدون منه بأسا ما دام في العيش خير " ، قلت : هذه إحدى الثلاث التي أوصاني بها [ صاحبي ] ، وأخذت سهما من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي ، ثم أنه ناول الصحيفة رجلا عن يساره ، فقلت : من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم ؟ قالوا : النجاشي معاوية ، فإذا في كتاب صاحبي : يدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فأين النار ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله [ ص: 236 ] فأين الليل إذا جاء النهار ؟ " ، فأخذت سهما من جعيبتي فكتبته في جلد سيفي ، فلما فرغ من قراءة كتابي قال : إن لك حقا وأنت رسول فلو وجدت عندنا جائزة جوزناك بها ، إنا سفر مرملون ، قال : فناداه رجل من طائفة الناس : أنا أجوزه ، ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية ، فوضعها في حجري ، فقلت : من صاحب الحلة ؟ قيل : عثمان ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " من ينزل هذا الرجل ؟ " ، فقال فتى من الأنصار : أنا ، فقام الأنصاري وقمت معه ، فلما خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " [ تعال ] يا أخا تنوخ " ، فأقبلت أهوي [ إليه ] حتى كنت قائما في مجلسي الذي كنت فيه بين يديه ، فحل حبوته عن ظهره فقال : " ههنا ، امض لما أمرت به " ، فجلت في ظهره ، فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل الحجمة . رواه رأيت عبد الله بن أحمد ، وأبو يعلى ، ورجال أبي يعلى ثقات ، ورجال عبد الله بن أحمد كذلك .