7832 أنه قال : كنت أريد أن أسأل ابن عباس عن قول الله - عز وجل : ( عمر بن الخطاب وإن تظاهرا عليه ) فكنت أهابه ، حتى حججنا معه حجة فقلت : لئن لم أسأله في الحجة لا أسأله ، فلما قضينا حجنا أدركناه وهو ببطن مر وقد تخلف لبعض حاجته ، فقال : مرحبا بك يا ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما حاجتك ؟ قلت : شيء كنت أريد أن أسألك عنه - يا أمير المؤمنين - فكنت أهابك ، فقال : سلني عما شئت ، فإنا لم نكن نعلم شيئا حتى تعلمناه ، فقلت : أخبرني عن قول الله عز وجل : وإن تظاهرا عليه من هما ؟ قال : لا تسأل أحدا أعلم بذلك مني ، كنا بمكة لا يكلم أحدنا امرأته إنما هي خادم البيت ، فإذا كان له حاجة ، سفع برجلها فقضى حاجته ، فلما قدمنا المدينة تعلمن من نساء الأنصار فجعلن يكلمننا ويراجعننا ، وإني أمرت غلمانا لي ببعض الحاجة ، فقالت امرأتي : بل اصنع كذا وكذا ، فقمت إليها بقضيب فضربتها به ، فقالت : يا عجبا لك يا ابن الخطاب ، تريد أن لا تكلم ؟ ! فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلمه نساؤه ، فخرجت ، فدخلت على حفصة فقلت : يا بنية انظري لا تكلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تسأليه فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عنده دينار ولا درهم يعطيكهن ، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الصبح جلس في مصلاه ، وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس ، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة يسلم عليهن ويدعو لهن ، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها ، وإنها أهديت عكة عسل من لحفصة بنت عمر الطائف - أو من مكة - فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل يسلم عليها حبسته حتى تلعقه منه أو تسقيه منها ، وأن عائشة أنكرت احتباسه عندها ، فقالت لجويرية عندها حبشية ، يقال لها : خضراء : إذا دخل على حفصة فادخلي عليها فانظري ما يصنع ، فأخبرتها الجارية بشأن العسل ، فأرسلت عائشة إلى صواحباتها فأخبرتهن ، وقالت : إذا دخل عليكن فقلن : إنا نجد [ ص: 9 ] منك ريح مغافير ، ثم إنه دخل على عائشة فقالت : يا رسول الله أطعمت شيئا منذ اليوم ؟ فإني أجد منك ريح مغافير ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء ، فقال : " هو عسل والله لا أطعمه أبدا " حتى [ إذا ] كان يوم حفصة قالت : يا رسول الله إن لي حاجة إلى أبي ، إن نفقة لي عنده ، فأذن لي أن آتيه فأذن لها ، ثم إنه أرسل إلى جاريته مارية ، فأدخلها بيت حفصة ، فوقع عليها ، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقا ، فجلست عند الباب ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو فرع ووجهه يقطر عرقا تبكي ، فقال : " ما يبكيك ؟ " فقالت : إنما أذنت لي من أجل هذا ، أدخلت أمتك بيتي ، ثم وقعت عليها على فراشي ، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن ! ! أما والله ما يحل لك هذا يا رسول الله ؟ ! فقال : " والله ما صدقت أليس هي جاريتي قد أحلها الله لي ؟ أشهدك أنها علي حرام ، ألتمس بذلك رضاك ، انظري لا تخبري بذلك امرأة منهن فهي عندك أمانة " فلما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرعت وحفصة حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة فقالت : ألا أبشري فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حرم أمته ، فقد أراحنا الله منها ، فقالت عائشة : أما والله إنه كان يريبني أنه كان يقتل من أجلها ، فأنزل الله عز وجل : ( ياأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ) ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم : وإن تظاهرا عليه فهي عائشة ، وزعموا أنهما كانتا لا تكتم إحداهما الأخرى شيئا . وحفصة
وكان لي أخ من الأنصار إذا حضرت وغاب في بعض ضيعته حدثته بما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا غبت في بعض ضيعتي حدثني ، فأتاني يوما وقد كنا نتخوف فقال : ما دريت ما كان ؟ فقلت : وما ذاك ؟ لعله جبلة بن الأيهم الغساني تذكر ؟ قال : لا ولكنه أشد من ذلك إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح فلم يجلس كما كان يجلس ، ولم يدخل على أزواجه كما كان يصنع ، وقد اعتزل في مشربته ، وقد ترك الناس يموجون ، ولا يدرون ما شأنه ، فأتيت والناس في المسجد يموجون ولا يدرون ، فقال : يا أيها الناس كما [ ص: 10 ] أنتم ، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مشربته قد جعلت له عجلة فرقى عليها ، فقال لغلام له أسود وكان يحجبه : استأذن جبلة بن الأيهم الغساني فاستأذن لي ، فدخلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مشربته فيها حصير وأهب معلقة ، وقد أفضى لجنبه إلى الحصير فأثر الحصير في جنبه ، وتحت رأسه وسادة من أدم محشوة ليفا ، فلما رأيته بكيت ، فقال : " ما يبكيك ؟ " فقلت : يا رسول الله لعمر بن الخطاب فارس والروم يضطجع أحدهم في الديباج والحرير فقال : " " فقلت : يا رسول الله ما شأنك ؟ فإني تركت الناس يموج بعضهم في بعض ، فعن خبر أتاك، فقال : أعتزلهن فقال : " لا ولكن كان بيني وبين أزواجي شيء ، فأحببت أن لا أدخل عليهن شهرا " ثم خرجت على الناس فقلت : يا أيها الناس ارجعوا فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بينه وبين أزواجه شيء فأحب أن يعتزل . إنهم عجلت لهم طيباتهم ، والآخرة لنا
ثم دخلت على حفصة فقلت : يا بنية أتكلمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتغيظينه وتغارين عليه ؟ فقالت : لا أكلمه بعد بشيء يكرهه ، ثم دخلت على ، وكانت خالتي ، فقلت لها كما قلت أم سلمة لحفصة فقالت : عجبا لك يا كل شيء تكلمت فيه حتى تريد أن تدخل بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أزواجه ، وما يمنعنا أن نغار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجكم يغرن عليكم ، فأنزل الله عز وجل : ( عمر بن الخطاب ياأيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ) حتى فرغ منها . وعن
قلت : لعمر حديث في الصحيح باختصار كثير .
رواه في الأوسط ، وفيه الطبراني قال عبد الله بن صالح كاتب الليث عبد الملك بن شعيب بن الليث : ثقة مأمون ، وضعفه أحمد وغيره .