الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 375 ] 3 - باب الاشتراط في الحج .

حديث ضباعة بنت الزبير - حديث رواه الشافعي عن عائشة - روى الشافعي حديث ضباعة منقطعا - اختلاف أهل العلم في هذا الباب - طائفة تقول بالاشتراط - وطائفة تقول بعدمه - ادعى ابن عباس بنسخ الاشتراط

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد ، أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الكريم ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين ، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن هشام ، عن أبيه : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بضباعة بنت الزبير فقال : أما تريدين الحج ؟ فقالت : إني شاكية . فقال لها : حجي واشترطي إن محلي حيث حبستني .

وبالإسناد أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : قالت لي عائشة : هل تستثني إذا حججت ؟ فقلت لها : [ ص: 376 ] ماذا أقول ؟ فقالت : قل : اللهم الحج أردت ، وله عمدت ، فإن يسرته فهو الحج ، وإن حبسني حابس فهو عمرة .

كذا روى الشافعي حديث ضباعة منقطعا ، وقال : لو ثبت حديث عروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الاستثناء لم أعده إلى غيره ؛ لأنه لا يحل عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

أما حديث سفيان بن عيينة ، فقد رواه عنه عبد الجبار بن العلاء موصولا ، لم تذكر عائشة فيه ، وقد ثبت وصله أيضا من حديث أبي أسامة : حماد بن أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وأخرجاه في الصحيح ، وثبت عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

وأخرجه مسلم ، وثبت عن عطاء ، وسعيد بن جبير ، وطاوس ، وعكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مخرج في كتاب مسلم .

وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :

( فذهبت طائفة ) إلى الاشتراط وقالت به طائفة ، وممن روينا عنه ذلك : عمر بن الخطاب ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر ، ومن التابعين : عبيدة السلماني ، والأسود بن يزيد ، وعلقمة ، وشريح ، وعطاء بن أبي رباح ، وعكرمة ، وعن سعيد بن المسيب روايتان ، وعطاء بن يسار ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وقال [ ص: 377 ] إسحاق : لما صح عن عمر وعثمان بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال لضباعة ، وقد كان الشافعي يقول بهذا القول إذ هو بالعراق ، ووقف عنه بمصر ، وقال : وهذا مما أستخير الله فيه .

وخالفهم في ذلك آخرون ، وأنكروا الاشتراط ، ولم يروه شيئا ، وكان ابن عمر ينكر الاشتراط في الحج ، ويقول : أليس بحسبكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وممن أنكر ذلك سالم بن عبد الله ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، والزهري ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي ، وقال النخعي : كانوا يشترطون ، ولا يرونه شيئا ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأهل الكوفة .

وأما حديث ضباعة فقد ذهب بعض هؤلاء إلى أنه منسوخ ، وروينا ذلك عن ابن عباس .

أخبرني محمد بن إبراهيم بن علي الفارسي ، أخبرنا يحيى بن عبد الوهاب ، أخبرنا محمد بن أحمد الكاتب ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثنا أحمد بن جعفر الحمال ، حدثنا عبد الرحمن بن سلمة ، حدثنا مهران ، عن الحسن بن عمارة ، عن أبي إسحاق ، عن حبيب بن عميرة ، أو عميرة بن حبيب ، قال : سمعت ابن مسعود يقول : إذا أراد أن يحج فليشترط أن محله حيث حبس . فذكرت ذلك للحكم ، فقال : حدثني مجاهد قال : ذكرت ذلك لابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ضباعة بنت الزبير أن تشترط أن محلها حيث حبست ، فقال : قد كان هذا ؛ ولكن نسخ . قلت : وما نسخه ؟ قال : نسخه ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) .

ورواه قيس بن الربيع ، عن الحسن نحوه ، وليس هذا الإسناد بذاك القائم .

التالي السابق


الخدمات العلمية