[ ص: 409 ] 2 - باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن
nindex.php?page=treesubj&link=33663لقاح النخل ، ثم الإذن بعد ذلك
حديث اللقاح مشهور - ورواية أخرى
لطلحة - تفنيد
الحازمي لحديث
جابر - خالف ذلك
المعتزلة - الكشف عن مكنون حديث
جابر رضي الله عنه .
قال
أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم القزويني ، أخبرنا
أبو بكر محمد بن الفضل ، حدثنا
سعيد بن عنبسة الخزاز ، حدثنا
محمد بن الفضيل ، حدثنا
مجالد ، عن
عامر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال :
أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس يلقحون ، فقال : ما للناس ؟ قالوا : يلقحون . فقال : لا لقاح ، أو لا أرى اللقاح شيئا . فقال : فتركوا اللقاح ، فخرج ثمر الناس شيصا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما شأنه ؟ قالوا : كنت قد نهيت عن اللقاح . فقال : ما أنا بزارع ولا صاحب نخل ؛ لقحوا .
قرأت على
أبي البركات عبد اللطيف بن أبي نصر بن محمد ، أخبرك
أبو بكر محمد بن الفضل الغازي ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=11865سعيد بن أحمد ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12735أبو محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد الرومي ، أخبرنا
محمد بن إسحاق ، حدثنا
قتيبة ، حدثنا
أبو عوانة ، عن
سماك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17176موسى بن طلحة ، عن أبيه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945758مررت يوما مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوم على رءوس النخل ، فقال [ ص: 410 ] ما يصنع هؤلاء ؟ فقال : يلقحون الذكر في الأنثى فتلقح . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما أظن ذلك يغني شيئا . قال : فأخبروا بعد ذلك فتركوا ، فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال : إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه ، فإني إنما ظننت ظنا لا تؤاخذوني بالظن ، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا فخذوا به ؛ فإنني لن أكذب على الله
وهذا حديث مدني المخرج ، وقد تداوله
الكوفيون ، وله طرق عندهم ، ويروى أيضا من حديث المدنيين من غير وجه ، وحديث
جابر أبلغ في المقصود في باب النسخ ، غير أن الحديث فيه اختلاف ألفاظ ، فلا بد من تنقيح مناطه ليفهم منه المقصود ، فنقول : اتفق أهل العلم على أن
nindex.php?page=treesubj&link=22180المنسوخ لا بد وأن يكون حكما شرعيا ، وهذا أمر مقرر من غير خلاف يعرف فيه ، نعم اختلف الناس في مسألة ؛ وهي أن عندنا ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ ، وخالفنا في ذلك جماهير
المعتزلة ، وقالوا : هناك أفعال لا يمكن نسخها ، مثل الكفر والكذب والظلم ، وما شاكل ذلك ، وتستند دعواهم هذه إلى مسألة أخرى ؛ وهي أن التحسين والتقبيح عندهم يتلقيان من العقل ، وتفاصيل ذلك مذكورة في كتب أصول الفقه .
[ ص: 411 ] والآن بعد تمهيد هذه القاعدة ؛ بنا حاجة إلى الكشف عن مكمون الحديث والبحث عن مقصوده ، فنقول : ذهب بعضهم إلى أن قوله : لا لقاح في حديث
جابر صيغة تدل على النهي ، نحو قوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=945759لا صيام لمن لا يبيت الصيام من الليل ، ولا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قالوا : ولا يقال : إن هذا من قبيل المصالح الدنيوية ، ولا مدخل له في الأحكام الشرعية ؛ لأن للشارع أن يتحكم في أفعال العباد كيف أراد ، فهو من قبيل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53فإذا طعمتم فانتشروا ) قالوا : والذي يدل على شرعيته انتهاء القوم عن التلقيح حتى أذن لهم ، ولهذا قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : كنت نهيت عن اللقاح ! ولم ينكر عليهم فهم النهي ؛ بل أذن لهم ، والظاهر أن
nindex.php?page=treesubj&link=21062الإذن يستدعي سابقة منع ، يقال على قولهم : القدر الذي تمسكتم به لا يفي بالمقصود ؛ وذلك لأن المسلمين اتفقوا على استحالة وقوع ما يناقض مدلول المعجزة في حق الأنبياء - عليهم السلام - بدليل العقل ، وذلك نحو الكفر والجهل بالله تعالى ، والكذب والخطأ في الأحكام الشرعية ، والغلط ، غير أن طائفة ذهبت إلى جواز الغلط عليهم فيما يثبتونه بالاجتهاد ، لكنهم قالوا : لا يقرون عليه ، وهذا يستقيم على قول من يقول : المصيب واحد ، وأما من يقول : كل مجتهد مصيب لا يرى وقوع الخطأ من النبي - صلى الله عليه وسلم - في اجتهاد غيره ، فكيف يراه في اجتهاده ؟ فعلى هذا
[ ص: 412 ] فعلهم ذلك لم يكن شرعيا ؛ لأنه لو كان شرعيا لما كان قابلا لجواز وقوع الخطأ فيه ، وما يدل على قبوله وقوع الخطأ فيه قوله عليه السلام في حديث
طلحة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945760إنني ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن .
وفي غير هذه الرواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945761إنما ظننت ظنا ، وأن الظن يخطئ ويصيب ، ولو كان حكما شرعيا لما كان قابلا للخطأ والإصابة .
وفي قوله : " ظننت " دلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=22271جواز الاجتهاد للنبي - صلى الله عليه وسلم - مطلقا ، وفي ذلك خلاف بين أهل العلم .
وفي قوله - عليه السلام - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945762فإن الظن يخطئ ويصيب ، إشارة إلى أن المراد من ذلك - والله أعلم - ما كان من قبيل المصالح الدنيوية ، وذلك جائز من غير خلاف يعرف فيه ، وشواهد ذلك في الحديث كثيرة ، وإنما المقصود رفع الخطأ عنه في الأحكام الشرعية ، ثم يدل على ذلك أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945763فإني لن أكذب على الله .
وعلى الجملة الحديث يحتمل كلا المذهبين ، ولذلك أثبتناه في قوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=945764إن كان ينفعهم ذلك فليصنعوه حجة لمن ذهب إلى النسخ ، والله أعلم .
[ ص: 409 ] 2 - بَابُ نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=33663لِقَاحِ النَّخْلِ ، ثُمَّ الْإِذْنِ بَعْدَ ذَلِكَ
حَدِيثُ اللِّقَاحِ مَشْهُورٌ - وَرِوَايَةٌ أُخْرَى
لِطَلْحَةَ - تَفْنِيدُ
الْحَازِمِيِّ لِحَدِيثِ
جَابِرٍ - خَالَفَ ذَلِكَ
الْمُعْتَزِلَةُ - الْكَشْفُ عَنْ مَكْنُونِ حَدِيثِ
جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْقَزْوِينِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ ، حَدَّثَنَا
سَعِيدُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْخَزَّازُ ، حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ ، حَدَّثَنَا
مُجَالِدٌ ، عَنْ
عَامِرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ :
أَبْصَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ يُلَقِّحُونَ ، فَقَالَ : مَا لِلنَّاسِ ؟ قَالُوا : يُلَقِّحُونَ . فَقَالَ : لَا لِقَاحَ ، أَوْ لَا أَرَى اللِّقَاحَ شَيْئًا . فَقَالَ : فَتَرَكُوا اللِّقَاحَ ، فَخَرَجَ ثَمَرُ النَّاسِ شَيْصًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَا شَأْنُهُ ؟ قَالُوا : كُنْتُ قَدْ نَهَيْتُ عَنِ اللِّقَاحِ . فَقَالَ : مَا أَنَا بِزَارِعٍ وَلَا صَاحِبِ نَخْلٍ ؛ لَقِّحُوا .
قَرَأْتُ عَلَى
أَبِي الْبَرَكَاتِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ أَبِي نَصْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَكَ
أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْغَازِيُّ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11865سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12735أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الرُّومِيُّ ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا
قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ
سِمَاكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17176مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945758مَرَرْتُ يَوْمًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْمٍ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ ، فَقَالَ [ ص: 410 ] مَا يَصْنَعُ هَؤُلَاءِ ؟ فَقَالَ : يُلَقِّحُونَ الذَّكَرَ فِي الْأُنْثَى فَتُلَقَّحُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَا أَظُنُّ ذَلِكَ يُغْنِي شَيْئًا . قَالَ : فَأَخْبَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَتَرَكُوا ، فَأَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَقَالَ : إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ ، فَإِنِّي إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا لَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ ، وَلَكِنْ إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنِ اللَّهِ شَيْئًا فَخُذُوا بِهِ ؛ فَإِنَّنِي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ
وَهَذَا حَدِيثٌ مَدَنِيُّ الْمَخْرَجِ ، وَقَدْ تَدَاوَلَهُ
الْكُوفِيُّونَ ، وَلَهُ طُرُقٌ عِنْدَهُمْ ، وَيُرْوَى أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْمَدَنِيِّينَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، وَحَدِيثُ
جَابِرٍ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ فِي بَابِ النَّسْخِ ، غَيْرَ أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ اخْتِلَافُ أَلْفَاظٍ ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَنْقِيحِ مَنَاطِهِ لِيُفْهَمَ مِنْهُ الْمَقْصُودَ ، فَنَقُولُ : اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=22180الْمَنْسُوخَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ حُكْمًا شَرْعِيًّا ، وَهَذَا أَمْرٌ مُقَرَّرٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُعْرَفُ فِيهِ ، نَعَمِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي مَسْأَلَةٍ ؛ وَهِيَ أَنَّ عِنْدَنَا مَا مِنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ إِلَّا وَهُوَ قَابِلٌ لِلنَّسْخِ ، وَخَالَفَنَا فِي ذَلِكَ جَمَاهِيرُ
الْمُعْتَزِلَةِ ، وَقَالُوا : هُنَاكَ أَفْعَالٌ لَا يُمْكِنُ نَسْخُهَا ، مِثْلَ الْكُفْرِ وَالْكَذِبِ وَالظُّلْمِ ، وَمَا شَاكَلَ ذَلِكَ ، وَتَسْتَنِدُ دَعْوَاهُمْ هَذِهِ إِلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى ؛ وَهِيَ أَنَّ التَّحْسِينَ وَالتَّقْبِيحَ عِنْدَهُمْ يُتَلَقَّيَانِ مِنَ الْعَقْلِ ، وَتَفَاصِيلُ ذَلِكَ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ .
[ ص: 411 ] وَالْآنَ بَعْدَ تَمْهِيدِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ ؛ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى الْكَشْفِ عَنْ مَكْمُونِ الْحَدِيثِ وَالْبَحْثِ عَنْ مَقْصُودِهِ ، فَنَقُولُ : ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ قَوْلَهُ : لَا لِقَاحَ فِي حَدِيثِ
جَابِرٍ صِيغَةٌ تَدُلُّ عَلَى النَّهْيِ ، نَحْوَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=945759لَا صِيَامَ لِمَنْ لَا يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ ، وَلَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ قَالُوا : وَلَا يُقَالُ : إِنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ؛ لِأَنَّ لِلشَّارِعِ أَنْ يَتَحَكَّمَ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ كَيْفَ أَرَادَ ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=53فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا ) قَالُوا : وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّتِهِ انْتِهَاءُ الْقَوْمِ عَنِ التَّلْقِيحِ حَتَّى أَذِنَ لَهُمْ ، وَلِهَذَا قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : كُنْتُ نَهَيْتُ عَنِ اللِّقَاحِ ! وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَهْمَ النَّهْيِ ؛ بَلْ أَذِنَ لَهُمْ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21062الْإِذْنَ يَسْتَدْعِي سَابِقَةَ مَنْعٍ ، يُقَالُ عَلَى قَوْلِهِمْ : الْقَدْرُ الَّذِي تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَا يَفِي بِالْمَقْصُودِ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى اسْتِحَالَةِ وُقُوعِ مَا يُنَاقِضُ مَدْلُولُ الْمُعْجِزَةِ فِي حَقِّ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - بِدَلِيلِ الْعَقْلِ ، وَذَلِكَ نَحْوُ الْكُفْرِ وَالْجَهْلِ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَالْكَذِبِ وَالْخَطَأِ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، وَالْغَلَطِ ، غَيْرَ أَنَّ طَائِفَةً ذَهَبَتْ إِلَى جَوَازِ الْغَلَطِ عَلَيْهِمْ فِيمَا يُثْبِتُونَهُ بِالِاجْتِهَادِ ، لَكِنَّهُمْ قَالُوا : لَا يُقِرُّونَ عَلَيْهِ ، وَهَذَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ : الْمُصِيبُ وَاحِدٌ ، وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ : كُلُّ مُجْتَهِدٌ مُصِيبٌ لَا يَرَى وُقُوعَ الْخَطَأِ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اجْتِهَادِ غَيْرِهِ ، فَكَيْفَ يَرَاهُ فِي اجْتِهَادِهِ ؟ فَعَلَى هَذَا
[ ص: 412 ] فِعْلُهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَرْعِيًّا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ شَرْعِيًّا لَمَا كَانَ قَابِلًا لِجَوَازِ وُقُوعِ الْخَطَأِ فِيهِ ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وُقُوعُ الْخَطَأِ فِيهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حَدِيثِ
طَلْحَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945760إِنَّنِي ظَنَنْتُ ظَنًّا فَلَا تُؤَاخِذُونِي بِالظَّنِّ .
وَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945761إِنَّمَا ظَنَنْتُ ظَنًّا ، وَأَنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، وَلَوْ كَانَ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمَا كَانَ قَابِلًا لِلْخَطَأِ وَالْإِصَابَةِ .
وَفِي قَوْلِهِ : " ظَنَنْتُ " دَلَالَةٌ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=22271جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُطْلَقًا ، وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ .
وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945762فَإِنَّ الظَّنَّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مَا كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الدُّنْيَوِيَّةِ ، وَذَلِكَ جَائِزٌ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُعْرَفُ فِيهِ ، وَشَوَاهِدُ ذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ رَفْعُ الْخَطَأِ عَنْهُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ ، ثُمَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=945763فَإِنِّي لَنْ أَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ .
وَعَلَى الْجُمْلَةِ الْحَدِيثُ يَحْتَمِلُ كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ ، وَلِذَلِكَ أَثْبَتْنَاهُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=945764إِنْ كَانَ يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ فَلْيَصْنَعُوهُ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى النَّسْخِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .