الثالث عشر :  إذا وقع في الكتاب ما ليس منه   فإنه ينفى عنه بالضرب ، أو الحك ، أو المحو ، أو غير ذلك .  والضرب خير من الحك والمحو .   
 [ ص: 199 ] روينا عن   القاضي أبي محمد بن خلاد  رحمه الله قال : قال أصحابنا " الحك تهمة "  .  وأخبرني من أخبر عن   القاضي عياض  قال : سمعت شيخنا   أبا بحر سفيان بن العاص الأسدي  يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول : " كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يبشر شيء ; لأن ما يبشر منه ربما يصح في رواية أخرى ، وقد يسمع الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر يكون ما بشر وحك من رواية هذا صحيحا في رواية الآخر ، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بشر ، وهو إذا خط عليه من رواية الأول وصح عند الآخر اكتفي بعلامة الآخر عليه بصحته " .   
ثم إنهم اختلفوا في كيفية الضرب :  
فروينا عن  أبي محمد بن خلاد  قال : " أجود الضرب أن لا يطمس المضروب عليه ، بل يخط من فوقه خطا جيدا بينا يدل على إبطاله ، ويقرأ من تحته ما خط عليه " .   
وروينا عن   القاضي عياض  ما معناه : أن اختيارات الضابطين اختلفت في الضرب ، فأكثرهم على مد الخط على المضروب عليه مختلطا بالكلمات المضروب عليها ، ويسمى ذلك ( الشق ) أيضا .   
 [ ص: 200 ] ومنهم من لا يخلطه ، ويثبته فوقه ، لكنه يعطف طرفي الخط على أول المضروب عليه وآخره .   
ومنهم من يستقبح هذا ، ويراه تسويدا ، وتطليسا ، بل يحوق على أول الكلام المضروب عليه بنصف دائرة ، وكذلك في آخره ، وإذا كثر الكلام المضروب عليه فقد يفعل ذلك في أول كل سطر منه وآخره ، وقد يكتفي بالتحويق على أول الكلام وآخره أجمع .   
ومن الأشياخ من يستقبح الضرب ، والتحويق ، ويكتفي بدائرة صغيرة أول الزيادة وآخرها ، ويسميها صفرا كما يسميها أهل الحساب .   
وربما كتب بعضهم عليه ( لا ) في أوله ، و ( إلى ) في آخره ، ومثل هذا يحسن فيما صح في رواية ، وسقط في رواية أخرى ، والله أعلم .   
وأما الضرب على الحرف المكرر : فقد تقدم بالكلام فيه   القاضي أبو محمد بن خلاد الرامهرمزي  رحمه الله على تقدمه ، فروينا عنه قال : قال بعض أصحابنا : " أولاهما بأن يبطل الثاني ، لأن الأول كتب على صواب ، والثاني كتب على الخطأ ، فالخطأ أولى بالإبطال " ، وقال آخرون : " إنما الكتاب علامة لما يقرأ ، فأولى الحرفين بالإبقاء أدلهما عليه ، وأجودهما صورة " .   
 [ ص: 201 ] وجاء   القاضي عياض  آخرا ففصل تفصيلا حسنا ، فرأى أن تكرر الحرف إن كان في أول سطر فليضرب على الثاني ; صيانة لأول السطر عن التسويد ، والتشويه ، وإن كان في آخر سطر فليضرب على أولهما صيانة لآخر السطر ، فإن سلامة أوائل السطور ، وأواخرها عن ذلك أولى ، فإن اتفق أحدهما في آخر سطر ، والآخر في أول سطر آخر فليضرب على الذي في آخر السطر ، فإن أول السطر أولى بالمراعاة ، فإن كان التكرر في المضاف ، أو المضاف إليه ، أو في الصفة ، أو في الموصوف ، أو نحو ذلك لم نراع حينئذ أول السطر ، وآخره ، بل نراعي الاتصال بين المضاف ، والمضاف إليه ، ونحوهما في الخط ، فلا نفصل بالضرب بينهما ، ونضرب على الحرف المتطرف من المتكرر دون المتوسط .   
وأما المحو : فيقابل الكشط في حكمه الذي تقدم ذكره ، وتتنوع طرقه ، ومن أغربها - مع أنه أسلمها - ما روي عن   سحنون بن سعيد التنوخي الإمام المالكي     : أنه كان ربما كتب الشيء ثم لعقه ، وإلى هذا يومي ما روينا عن   إبراهيم النخعي  رضي الله عنه أنه كان يقول : " من المروءة أن يرى في ثوب الرجل وشفتيه مداد " ، والله أعلم .   
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					