[ ص: 128 ] الباب الثاني في أحكامها : وفي الجواهر : إذا فسخت ، فإن فاتت به وقد دفع أرضه لمن يزرعها ببذره وعمله ، فالزرع للزارع ببذره وعليه لصاحب الأرض كراؤها وإن دفعت أرضك ، والعمل عليه ، وقلت : أخرج البذر وعلي نصفه امتنع ، لشرط السلف والزرع بينكما نصفان لضمانكما البذر نصفين وتكافئكما في غيره ، ويرجع بنصف الزريعة معجلا ، وقال فسدت وعثر عليها قبل الفوات بالعمل : الزرع لمسلف البذر وعليه كراء الأرض قبض رب الأرض حصته من البذر أم لا ، إلا أن يكون أسلفه على غير شرط بعد صحة العقد فيجوز ، ولو سحنون ، فعلى قول دفعت بذرك ليزرعه في أرضه على النصف : الزرع لك وله أجرة عمله وكراء أرضه ، وفي قول سحنون ابن القاسم : الزرع له وعليه مكيلة البذر ، وإن وعليك نصف كراء الأرض ، وعليه نصف مكيلة البذر ولا تراجع لعدم التكافئ ، قال أخرجت البذر والآخر الأرض وتكافأتما ما عداهما على أن الزرع بينكما نصفان فهو نصفان أبو الوليد : إذا فاتت المزارعة الفاسدة بالعمل ستة أقوال ولم يخص وجها من وجوه الفساد ، أحدها الزرع لصاحب البذر وعليه كراء ما أخرجوه ، وثانيها الزرع لصاحب العمل ، وثالثها الزرع لمن اجتمع له شيئان ، أو انفرد بشيء ، فالزرع بينهم سواء لتساويهم ، فإن اجتمع لأحدهم شيئان منها ، فالزرع له دونهما وهو مذهب ابن القاسم ومحمد ، ورابعها الزرع لمن اجتمع له شيئان من ثلاثة : الأرض والبقر والعمل ، وخامسها الزرع لمن اجتمع له شيئان من أربعة : الأرض والبذر والبقر والعمل . وسادسها قال ابن حبيب : إذا سلمت المزارعة من كراء الأرض بما يخرج منها ، [ ص: 129 ] فالزرع على شرطهم ويتعادلوا فيما أخرجوه ، وإلا فهو لصاحب البذر ، ومنشأ الخلاف النظر إلى قوة السبب ، فمن اعتقد قوة سبب جعل الزرع لصاحبه ، وفي النوادر أخرجت الأرض ونصف البذر ، وآخر نصف البذر ، وثالث العمل على أن الزرع بينكم أثلاثا امتنع ، لمقابلة الأرض ببعض البذر والزرع بين العامل وبينك - على مذهب ابن القاسم ويغرمان الأجرة للآخر ، وعند هو لصاحبي الزريعة وعليهما كراء البقر والعمل ، قال سحنون ابن حبيب : الزرع بينهم أثلاثا ، قال محمد : أصل ابن القاسم أنه لمن ولي العمل إذا سلمت الأرض إليه ويعطى كراء الأرض ، فإن أخرجت الأرض وآخر البذر ، وآخر البقر وآخر العمل امتنع ، وهو لصاحب البذر وعليه كراء الثلاثة الأخر .
فرع : قال : إذا فهو عليكما والتفضيل والحصاد على قدر الأنصباء إلا أن يشترط في الأرض المأمونة ، وإلا امتنع لعدم الوثوق بفعله . اختلفتما في حراث الزرع
فرع : قال : قال ابن حبيب : تجوز مزارعة أرضك وإن لم تكن مأمونة كجواز كرائها بغير نقد فإذا لم ترو أو عطشت فمصيبتها منكما بخلاف المتكاريين ; لأن المكتري مشتر يجب التسليم له ، والشركة تقتضي التساوي في العوارض ، فإن استحقت الأرض بعد الزراعة في إبانها رجع المستحق على من كانت بيده الأرض بنصف قيمة كرائها ، قال : فإن أخرجت الأرض والبذر والآخر العمل والبقر فاستحقت الأرض بعد الزراعة في إبانها رجع المستحق عليك بنصف كرائها ، كأنه حرث له شريكك نصفها وآجره بالربع بنصفها وبنصف البذر ، فإن كانت قيمة نصف البذر وكراء نصفها معتدلا رجع عليك المستحق أيضا بربع قيمة عمل [ ص: 130 ] العامل وهو الذي أخذ في كراء نصف الأرض ، وإن اختلفت قيمة البذر وكراء نصف الأرض ، كان ذلك على هذا الحساب ، فإن كنت عديما اتبعك بنصف قيمة كراء الأرض ، واتبع شريكك بربع قيمة العمل ولو استحقت بعد فوات الزراعة ، فلا كراء له على واحد منكما ، ولو كان بعد الحرث وقبل الزرع ، فله أخذها ولا شيء للشريك في حرثها . سحنون
فرع : قال : أعطيت أرضك وبذرك وبقرك على أن تأخذ البذر وتقتسمان ، فادعى أن نصف البذر له صدق مع يمينه والزرع بينكما نصفان وتتراجعان الفضل ، قاله : ابن القاسم ، ولو أخرجت الأرض والآخر العمل ، والبذر بينكما فادعى الزارع أنه أسلفك نصف البذر صدق مع يمينه ; لأنه المباشر والزرع تحت يده ، وصاحب البذر مصدق والزرع بينكما لاعترافه بالشركة وتتراجحان الفضل قاله : ابن وهب ولو أعطيته أرضك حين القلب مناصفة يحرثها ، ثم رويت فقلت : عليك حرثها فخذ نصف الزريعة مني ، وقال : إنما حرثت الأرض على أن لي نصفها أحرثها لنفسي أو قال : اكتريتها صدق مع يمينه قاله ابن القاسم ; لأن الحرث عمله ويده عليه ، وإذا قلب أرضك وقلت وقت الزراعة شاركتك والأرض من عندي والعمل والقلب عليك والبذر بيننا نصفان ، قال : قلبتها على أن أقاسمك تزرع نصفها وأزرع نصفها ، أو قال : اكتريتها صدق لحوزه بعمله ، ولو ادعى الشركة والتساوي في الزريعة صدق من صرف البذر من عنده ، وإلا صدق العامل ; لأن الغالب في المزارعة إخراج البذر ، ويصدق أبدا من يدعي التساوي والصحة على من يدعي خلاف ذلك ، قال ابن حبيب : ولو ، فالمزروع بينكما وتترادان الفضل ولك كراء ما تعطل إن ادعيت الاعتدال ، كما لو أبطل ذلك بزراعة ، وإن كان هو مدعي الاعتدال ، فلا كراء عليه بل على المنع من [ ص: 131 ] العمل ، كما لو كان ذلك في مزارعة لم يختلفا فيها . اختلفتما ولم تتحاكما وامتنع رب الأرض من العمل على ما قال فزرع نصفها لنفسه ببذره ، وأبقى نصفها لك
فرع : قال : إذا غلط وكيلك فزرع أرضك ببذر امرأتك ، قال ابن القاسم : الزرع لك وعليك مكيلة البذر ، وقال : يضمن الوكيل ; لأن العمد والخطأ في أموال الناس سواء ، وله ما أخرج البذر من الزرع ، إلا أن يزيد على البذر فلك الفضل ، وإن لم يخرج شيئا لم يكن له شيء ; لأنه بذر بالضمان وقد عطب ، ولو أمرته بقمح فزرع شعيرا ، أو سمراء فزرع بيضاء قال سحنون محمد : الزرع له لتعديه وعليه الكراء ، وإن بذر من عنده مثل بذرك ، فالزرع لك لوجود صورة المأذون فيه ، وإلا فلا تجبر في إعطائك البذر وأخذ الزرع ، لئلا يكون شراء زرع لم يبد صلاحه بما يعطيه ، وقيل : ينتظر دراس الزرع فيستوفى منه البذر والفاضل لرب الأرض .
فرع : قال : قال ابن القاسم : إذا آجرته بقرة بإردب شعير على حرث إردب شعير في أرضك فحرث الإردبين في أرضه بغيرهما ، فإن عطب الزرع فلا شيء له ، وإن أخرج أكثر من إردبين وإجارة مثله إردب أو أقل ، دفع ذلك إليه مع الإردب الذي أخذ منه ودفع ما بقي لرب الزريعة وكانت إجارة مثله أكثر من إردب ، لم يزد عليه ورد عليه أحد الإردبين ودفع ما بقي لصاحب الزريعة ، فإن لم يخرج إلا إردبا فحوصص به مما أخذ منه ولم يكن له غيره .
فرع : قال : قال أصبغ : إذا بذر أرض جاره غلطا أو بنى في عرصته ولا يعرف ذلك إلا من قوله ، فأما الباني فلا يعذر ويعطى قيمة البناء منقوضا أو يؤمر بقلعه ، وأما الزارع فله الزرع وعليه كراء المثل وهو على الغلط حتى يتبين عمده ، والفرق [ ص: 132 ] من جهة العادة أن سرعة الزرع توجب الغلط ، بخلاف البناء فيه التروي ، وقال : الزرع لرب الأرض إلا أن يقدر على جمع حبه . سحنون