النظر الثاني : فيما يستفاد من الأرض من المعادن والمياه وغيرها ودفع الضرر ، وفي الجواهر عند المعادن التي فيها الزكاة هي لمن ظهرت في ملكه مالك ; لأنه من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها ، وللإمام يرى فيها رأيه يعطيها لمن شاء عند ابن القاسم لأجل الزكاة ، وما ظهر فيما هو لجماعة المسلمين كالبراري من أرض العرب والعنوة أقطعه الإمام مدة محدودة أو غير محدودة ولا يملك رقبتها ، كما يقطع أرض العنوة وما ظهر منها في أرض الصلح أقطعها الإمام ; لأن الصلح إنما يتناول المعلوم ، قاله : ابن حبيب ومن لقيه من أصحاب مالك ، وهي هنا لأهل الصلح عند ابن القاسم بناء على أنه تناولها الصلح ، إذ لا يشترط معرفة كل ما يصالح عليه على التفصيل اتفاقا ، وما لا زكاة فيه كالنحاس أقطعه الإمام عند ابن القاسم ; لأنه مال لم يتعين مالكه ، وقال : لا يليها الإمام كالعنبر وجملة ما يخرج من البحر ، ولعدم الزكاة فيها ، وقال ( ش ) : سحنون ; لأنها كالماء ، والباطنة يقطعها . المعادن الظاهرة كالملح والقار لا يقطعها الإمام
[ ص: 160 ] فرع : قال صاحب البيان : إذا ، إلا أن يقطعك حياتك أو مدة معلومة فلا حتى يموت أو تنقضي المدة ; لأنك ملكك ذلك لحكمه لك به ، ولا يقطعه في السفر القريب ; لأنه في معنى الإقامة . أقطعت المعدن فتركته وغبت عنه أو طال عملك فيه وانتفاعك به فللإمام أن يقطعه غيرك
فرع : في الجواهر : خاص محرز في الأواني المياه ثلاثة أقسام فهي كسائر الأملاك ، وقاله ( ش ) ، والآبار المحتفرة في الأملاك وهو ضربان : الضرب الأول : ما طريقه مباحة كالجاري من الجبل وبطون الأودية فيسقى به الأعلى فالأعلى ، قال وعام منفك عن الاختصاص عبد الملك : يرسل الأعلى جميع الماء في حائطه حتى يبلغ كعب من يقوم فيه فيغلق مدخل الماء ، وقاله ( ش ) ، لما في الموطأ قال عليه السلام في سيل مهزور ومذينب : يمسك حتى الكعبين ثم يرسل الأعلى على الأسفل وهما اسما واديين بالمدينة ، ولما روي الزبير ورجلا تنازعا في شراج - بكسر الشين المنقوطة ، والراء المهملة - وأحدهما شرج بالإسكان وهو مجرى الماء من الجدار إلى السهل ، وأصله مجتمع الشيء ، ومنه سمي الدبر شرجا والمجرة شرج السماء ، والحرة أرض مليئة الحجارة سودها ، فقال الأنصاري للزبير : سرح - بالسين المهملة - الماء أي أرسله ، فأبى الزبير فاختصما إليه عليه السلام فقال عليه السلام للزبير اسق أرضك ثم أرسل الماء إلى جارك ، فقال الأنصاري : إن كان ابن عمتك فتلون [ ص: 161 ] وجهه عليه السلام فقال : يا زبير ، اسق أرضك وامسك الماء حتى يبلغ الجدر ، بفتح الجيم وتسكين الدال المهملة . أن
فوائد : أمر عليه السلام قريبه بالمسامحة ، فلما لم يقع لها موقع عند خصمه أمر قريبه باستيفاء حقه لئلا يضيع غبنا . قال الجوهري : الجدر والجدار الحائط ، وجمع الجدار جدر والجدر جدران كبطن وبطنان ، والجذر بالذال المعجمة الأصل بفتح الجيم وكسرها ، وإذا وصل الماء الجذر فقد وصل الكعبين ، وقال : بلغنا أنه إذا سقي بالسيل الزرع أمسك حتى يبلغ النعل ، وفي النخل والشجر حتى يبلغ الكعبين ، وإمساكه في الجميع إلى الكعبين أحب إلينا ; لأنه أبلغ في الري . وقال ابن كنانة ابن وهب : يمسك الأول بقدر حائطه من الكعبين إلى الأسفل ثم يرسل ، وعن مالك إذا وصل إلى الكعبين وروى ، أرسله كله لحصول المقصود ، وقال : فإن اختلفا بالانخفاض والارتفاع أمر صاحبه بتسويته ، فإن تعذر سقى كل مكان على حدته هنا إذا لم يكن أحيا الأسفل قبل الأعلى ، فلو أحياه للأسفل ثم أراد غيره يحيي لينفرد بالماء وذلك يفسد عليه ، منع نفيا للضرر ، قال صاحب البيان : قاله سحنون ابن القاسم . وجوزه أصبغ - وإن لم يكن في الماء فضل ; لعموم قوله عليه السلام يمسك الأعلى حتى يبلغ الكعبين ، وفي الجواهر قال : ويقدم أقدم الموضعين لتقدم استحقاقه ، فإن كانا متقابلين ، قال سحنون : يقسم الماء بينهما لتساويهما في الاستحقاق ، فإن قابل الأسفل بعض الأعلى حكم للمقابل بحكم الأعلى وللآخر بحكمه . سحنون
[ ص: 162 ] الضرب الثاني : مجراه أرض مملوكة فهو لمالكها ويمنعه إن شاء فإن تعدد المالك كجماعة وقاله : ( ش ) ولا يقدم أحد على أحد ، وصفة القلد تخرق قدرا في أسفلها وتملأ بالماء وتكون قدر أقلهم نصيبا مقدارا ، يجري ماؤه على ذلك الخرق فينتفع بالماء كله إلى أن يفنى ماء القدر ويملأ لهم بقدر حصصهم ، أو تثقب خشبة ثقبا يجري منها الماء يأخذ كل واحد بقسطه ويعمل في ذلك من الطرق ما جرت به العوائد ، والقصد حصول العدل . والقسم الثالث متردد بين العموم والخصوص وهو بئر الفيافي والبوادي للماشية ، لا يباع ولا يورث بل حافرها أحق بمائها هو وورثته ، قال حفروا نهرا يحملونه إلى أرضهم أو في أرضهم ، قسموه على قدر أملاكهم بالقلد عبد الملك : ولا حظ فيها للزوج ولا للزوجة ; لأنها إنما يقصد بحفرها في العادة الخلف اللازم والزوجية عارض غير محقق ، وما فضل لا يمنع ; لأن العادة الصدقة بالفاضل حملا للحفر على الغالب ، فإن أشهد أنه يريد التمليك ، قال القاضي أبو الوليد : لم أر فيه نصا ، والظاهر أنه ملكه كما أحيا في القرب أو البعد .
فرع : قال صاحب المقدمات : إذا ، قال تشاح أهل البئر في التبدئة عبد الملك : إن كانت عادة حملوا عليها وإلا استهموا ، قال : وذلك عندي إذا استوى قعددهم من حافرها وإلا فالأقرب إليه أحق ، ولا حق فيها للزوجين إذا لم يكونا من ذلك البطن .
فرع : قال : مالك في عدم منع الناس من فضله ، وقال [ ص: 163 ] والماجل والجب كالبئر عند المغيرة له في الجب العظيم نفقته وليس ماؤه يخلف كالبئر .
فرع : قال : قال مالك : يبدأ أهل الماء حتى يرووا ، ثم المارة حتى يرووا ، ثم دواب أهل الماء حتى تروى ، ثم دواب المارة حتى تروى ، ثم مواشي أهل الماء حتى تروى ، ثم الفضل لمواشي الناس . وبدأ أشهب بدواب المسافرين على دواب أهل الماء لفرط الحاجة تبعثها للسفر ، فإن ضاق الماء بدئ من أضر به تبدئة صاحبه أكثر بنفسه ودوابه ، فإن استووا في الضرر سوي بينهم عند أشهب ، وقدم أهل الماء عند ابن لبابة بأنفسهم ودوابهم نظرا لتقدم الاستحقاق ، واستحقاق الماء ضعيف في أصله فيطرح عند الضرر ، فإن قل الماء جدا وخيف الهلاك بالتبدئة ، بدئ بنفس أهل الماء بقدر ما يذهب الخوف ، ثم المسافرون كذلك ، ثم دواب أهل الماء كذلك ، ثم دواب المسافرين كذلك ، وروى ابن وهب أنه - عليه السلام - قال : ، ولابن السبيل عارية الدلو والرشاء والحوض إن لم يكن له أداة تعينه ويخلى ببينه الركية ، وأهدر لا يقطع طريق ولا يمنع فضل عمر - رضي الله عنه - جراحات أهل الماء وأغرمهم جراحات ابن السبيل حين اقتتلوا عليه ، وقال : . أبناء السبيل أولى بالماء من أبناء الساقي حتى يرووا
فرع : قال : هل لأصحاب الأخشاب التي تجري في الأنهار جرها وإن أخرقت سداد السمك قولان .
فرع : في البيان قال ابن القاسم : إذا بعد ذلك ولا بيعه لتعلق حقه بالغرس ، إلا أن يحفر بئرا لنفسه ، ويجري فيه الخلاف هل السكوت إذن أم لا ؟ وإن كنت لم تعلم فلك بيعه له إن كان له بغير إلا على قول من منع بيع الماء مطلقا ، فإن لم يكن له ثمن قضي له به بغير ثمن . جرى فضل مائك في أرض آخر فغرس آخر [ ص: 164 ] عليه ليس لك منع الفضل
فرع : في الجواهر قال أشهب : يمنع من ، وقال ( ح ) لقوله - عليه السلام - بيع الحطب النابت في ملكه . وقياسا على الماء الذي يجريه الله تعالى على ظهر الأرض ، وقياسا على ما يفرخ في أرضه من الطير ألا يجره فيحمله فيبيعه ، وقال الناس شركاء في ثلاث : الماء والنار والكلاء مطرف : يبيع ما في مروجه وحماه مما يملك من الأرض ، وما سواه لا يجوز بيعه ، وقاله ( ش ) قياسا على صوف غنمه . قال ابن يونس : الذي يمنعه ويبيعه من الخصب وإن لم يحتج إليه ما في حماه ومروجه ، وأما ما في أوديته وفحوص أرضه فيجبر على إباحته إن استغنى عنه ، إلا أن تضر به إباحته في زرع حوله ، وإذا أوقف أرضه للكلأ ، فله منعه عند ابن القاسم ; لأنه قد منع نفسه منافعه منها ، وإن لم يوقفها فهو أحق به ، ولا يمنعه ولا يبيعه ، قاله : ابن القاسم وأشهب ، وقال عبد الملك : الكل سواء وله المنع . قال صاحب البيان : الأرض المملوكة أربعة أقسام : محظرة بحوائط فله المنع والبيع ، احتاج إليه أم لا اتفاقا ، اتفاقا إلا أن يؤذيه دخول الناس إليه ، وأرض ترك زراعتها ليرعاها قيل : يمنعه إن احتاج إليه ويبيعه إن لم يحتج [ ص: 165 ] إليه ، وقيل : يجبر على تخليته للناس ، وقال ومروج القرية وعفاؤها لا تمنع ولا تباع أشهب : له المنع إن احتاج إليه دون البيع وفحوص أرضه التي لم يبورها ، له المنع عند ابن القاسم وأشهب إن احتاج إليه ، ويبيعه إن لم يحتج إليه ، وعن أشهب لا يبيع .
فرع : قال صاحب البيان : إذا ، فإن سبق أحدهما فنزله وجعل يرعى ما حوله أو حفر فيه بئرا ، قال قدم اثنان إلى الكلأ المباح فهما سواء ابن القاسم : هو أسوة للناس ; لعدم الحوز ، وقال أشهب : هو أحق بمقدار حاجته لسبقه إن انتجع إليه وقصده من بعد ، وقال المغيرة : إن وإلا فلا . حفر بئرا فهو أحق